قال الفراء يعني المكسو كقولك ماء دافق، وعيشة راضية؛ لأنه يقال: كُسِي العريان ولا يقال كَسَا.
وقوله "عارية" قال عياض: الأكثر بالخفض على الوصف للمجرور بِرُبَّ، وقال غيره: الأولى الرفع على إضمار مبتدأ، والجملة في موضع النعت لكاسية، أي هي عارية، والفعل الذي يتعلق به "رُب" محذوف. وقال السُّهيليُّ: الأحسن الخفض على النعت، لأن "رُبَّ" حرف جر يلزم صدر الكلام.
واختلف في المراد بقوله "كاسية وعارية" على أوجه أحدها كاسية في الدنيا بالثياب لوجود الغنى، عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل في الدنيا، ثانيها: كاسية بالثياب، لكنها شفافة لا تستر عورتها، فتعاقب في الآخرة بالعُري جزاء على ذلك.
ثالثها: كاسية من نعم الله، عارية من الشكر الذي تظهر ثمرته في الآخرة بالثواب.
رابعها: كاسية جسدها لكنها تشد خمارها من ورائها، فيبدو صدرها، فتصير عارية، فتعاقب في الآخرة.
خامسها: كاسية من خلعة التزوج بالرجل الصالح عارية في الآخرة من العمل، فلا ينفعها صلاح زوجها، كما قال تعالى {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ}[المؤمنون: ١٠١]، ذكر هذا الأخير الطَيْبِيّ، ورجحه لمناسبة المقام. واللفظة، وإن وردت في أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، لكن العبرة بعموم اللفظ، وقد سبق لنحوه الداودي فقال: كاسية للترف في الدنيا، لكونها أهل التشريف، وعارية يوم القيامة. قال: ويحتمل أن يراد عارية في النار، وأشار صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك إلى موجب