انصدع. وقرأ الأعمش تبعًا لابن مسعود يريد ليُنْقَض بكسر اللام، وضم التحتانية، وفتح القاف، وتخفيف الضاد، من النقضْ. وقوله:" قال الخضر بيده" أي: أشار بها. وفي رواية قال:"فمسح بيده"، وفيه إطلاق القول على الفعل. وقوله "فأقامه" وقيل "نقضه وبناه" وقيل "بعمود عَمَّده به".
وقوله "قال موسى: لو شئت لاتخذت عليه أجرًا" اتخذت بهمزة وصل وتشديد التاء وفتح الخاء على وزن افتعلت، من تخذ كاتبع من تبع، واجس من الأخذ عند البصريين، يعني أن تاءها عندهم أصلية لا أنها مغايرة للأخذ معني. وفي رواية أبي ذرٍ والأصيليّ وابن عساكر:"لتَخذَت" أي: لأخذت. وقوله "عليه أجرًا" يعني: يكون لنا قوتًا، وبُلْغة على سفرنا. قال القاضي: كأنه لما رأى الحرمان ومساس الحاجة واشتغاله بما لا يعنيه، لم يتمالك نفسه وزاد سفيان في روايته "فقال موسى قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا لو شئت لاتخذت عليه أجرًا".
وقوله "قال هذا فراقُ بيني وبينك" بإضافة الفراق إلى البين إضافة المصدر إلى الظرف على الاتساع، والإشارة في قوله "هذا" إلى الفراق الموعود به في قوله "فلا تصاحبني" أو تكون الإشارة إلى السؤال الثالث، أي: هذا الاعتراض سبب للافتراق، أو إلى الوقت، أي هذا الوقت وقت الفراق. وفي رواية أبي إسحاق "قال هذا فراق بيني وبينك، فأخذ موسى بطرف ثوبه، فقال: حدثني" وذكر الثعلبيُّ أن الخضر قال لموسى: أتلومني على خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار، ونسيت نفسك حين ألقيت في البحر، وحين قتلت القُبْطيّ، وحين سقيت أغنام ابنتي شعيب احتسابًا؟ وفي رواية التفسير "وكان ورأءهم ملكٌ، وكان أمامهم"، قرأها ابن عباس "أمامهم ملك" قال أبو عبيدة في قوله "من ورائه جهنم" مجازه قدامه وأمامه، يقال: الموت من ورائك، أي قُدامك وهو اسم لكل ما توارى عن الشخص، نقله ثعلب ومنه قول الشاعر: