لك"، فادرك موسى الحِلْم، فقال: "لا تؤاخذني" وإن الخِضر لما خلصوا قال لصاحب السفينة: إنما أردت الخير فحمدوا رأيه، وأصلحها الله على يده.
وقوله "فانطلقا حتى أتيا أهل قرية" وفي رواية غير أبي ذرٍ "حتى إذا أتيا" موافقة للتنزيل. والقرية: قيل هي الأبُلَّة، وقيل أنطاكية، وقيل هي أذربيجان، وقيل بَرْقَة، وقيل ناصرة، وقيل جزيرة الأندلس. وهذا الاختلاف كالاختلاف في المراد بمجمع البحرين، وشدة المباينة في ذلك تقتضي أن لا يوثق بشيء من ذلك. وقوله "استطعما أهلها فأبوا أن يضيِّفوهما" أي: استطعموهم واستضافوهم، فلم يضيفوهم، ولم يجدوا في تلك القرية قرى ولا مأوى، وكانت ليلة باردة. وعند مسلم "أهل قرية لئامًا، فطافا في المجالس فاستطعما أهلها".
وقوله "فوجدا فيها جدارًا" أي: على شاطئ الطريق، وكان سُمكه مئتي ذراع بذراع تلك القرية، وطوله على وجه الأرض خمس مئة وعرضه خمسون ذراعًا. هكذا قال القَسْطلانيّ، والذي في "الفتح" عن الثَّعلبّي: أن عرضه كان خمسين ذراعًا في مئة ذراع بذراعهم، وقوله "يريد أن ينقضَّ" استعيرت الإرادة للمشارفة، وإلا فالجدار لا إرادة له حقيقة. وكان أهل القرية يقرون تحته على خوف، وأن ينقض معتاه أن يقع. يقال: انقضَّت الدار، إذا انهدمت، وقرأه قوم ينقاضَّ أي ينقلع من أصله، كقولك انقاضت السّن إذا انقلعت من أصلها. وقراءة "ينقاض" مروية عن الزُّهْريّ، واختلف في ضادها، فقيل بالتشديد، بوزن يحمارّ، وهو أبلغ من ينقضّ. وينقضّ بوزن ينفعل من انقضاض الطائر إذا سقط إلى الأرض. وقيل بالتخفيف، وعن عليّ أنه قرأ ينقاص بالمهملة.
وقال ابن خالويه: يقولون: انقاصَّت السن، إذا انشقت طولًا، وقيل: إذا تصدعت كيف كان. وقال ابن فارس: قيل معناه كالذي بالمعجمة، وقيل الشق طولًا. وقال ابن دريد: انقاضّ بالمعجمة انكسر، وبالمهملة