للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواية التفسير "إذ مر اليهود" بالرفع على الفاعلية، وعند الطبريّ "إذ مررنا على يهود" ويحمل هذا الاختلاف على أن الفريقين تلاقوا، فيصدق أن كلًا مر بالآخر.

وقوله "على يهود" هذا اللفظ معرفة تدخله اللام تارة، وتارة يتجرد، وحذفوا منه ياء النسبة، ففرقوا بين مفرده وجمعه بالياء في المفرد، كما قالوا زنْج وزنْجي، وليس في شيء من الطرق تسمية من هؤلاء اليهود. وقوله "لا يجيء فيه بشيء تكرهونه" برفع يجيء على الاستئناف، والمعنى لا يجيء فيه بشيء تكرهونه، وبالجزم على جواب النهي، وهو على مذهب الكوفيين، وبالنصب على معنى لا تسألوه خشية أن يجيء فيه بشيء. ولا زائدة. وفي رواية التفسير "لا يستقبلكم بشيء تكرهونه" وفي الاعتصام لا يسمعكم ما تكرهون"، وهي كلها بمعنىً وإعراب.

وقوله فقال: يا أبا القاسم، ما الروح؟ وسؤالهم بقولهم: ما الروح؟ مُشْكلٌ، لأن الروح جاء في القرآن لمعان كثيرة، كما سترى إن شاء الله تعالى، لكن الأكثرون على أنهم سألوه عن الروح التي تكون بها الحياة في الجسد. وقال أهل النظر: سألوه عن كيفية مسلك الروح في الجسد، وامتزاجه به، وهذا هو الذي استأثر الله بعلمه. وقال القرطبي: المرجح أنهم سألوه عن روح الإنسان، لأن اليهود لا تعترف بان عيسى روح الله، ولا تجهل أن جبريل ملَك، وأن الملائكة أرواح.

وقال فَخْر الدين الرّازِيّ: المختار أنهم سألوه عن الروح الذي هو سبب الحياة، كما قال الجمهور، وأن الجواب وقع على أحسن الوجوه، وبيانه أن السؤال عن الروح يحتمل عن ماهيته، وهل هي متحيزة أم لا؟ وهل هي حالة في متحيّز أم لا؟ وهل قديمة أو حادثة؟ وهل تبقى بعد إنفصالها عن البدن أو تفنى؟ وما حقيقة تنعيمها أو تعذيبها؟ وغير ذلك من متعلقاتها. قال: وليس في السؤال ما يخصص أحد هذه المعاني إلا أن الأظهر أنهم سألوه عن الماهية، وهل الروح قديمة أو حادثة. والجواب يدل على أنها

<<  <  ج: ص:  >  >>