آخر. وقصة تغيير الحجاج لما صنعه ابن الزبير ذكرها مسلم من رواية عطاء قال: فلما قُتل ابن الزبير، كتب الحجاجُ إلى عبد الملك بن مروان يخبره أن ابن الزبير قد وضعه على أُسٍ، نظَر العُدول إليه من أهل مكة، فكتب إليه عبد الملك: إنا لسنا من تلطيخ ابن النربير في شيء، أما ما زاد في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه، وسدَّ بابه الذي فتحه، فنقضه وأعاده إلى بنائه.
وللفاكهانيّ عن أبي أويس: فبادر الحجاج فهدمها، وبنى شقها الذي يلي الحِجْر، ورفع بابها، وسد الباب الغربي. قال أبو أُويس: فأخبرني غير واحد من أهل العلم أن عبد الملك ندم على إذنه للحجاج في هدمها، ولعن الحجاج. ولابن عُيينة عن مُجاهد: فرد الذي كان ابن الزبير أدخل فيها من الحِجْر. قال: فقال عبد الملك: وَدِدنا أنا تركنا ابن الزبير وما توَّلى من ذلك.
وأخرج مسلم قصة ندمه عن الوليد بن عطاء، أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، وقد على عبد الملك في خلافته فقال: ما أظن أبا خُبيَبْ، يعني ابن الزبير، سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمع منها. فقال الحارث: بلى، أنا سمعته منها. زاد عبد الرزاق عن ابن جُرَيج فيه. وكان الحارث مُصَدَّقًا لا يكذب، فقال عبد الملك: أنت سمعتها تفول ذلك؟ قال: نعم، فنكت ساعة بعصاه، وقال: وددت أني تركته وما تحمل. وأخرجها أيضًا عن أبي قزعة "بينما عبد الملك يطوف بالبيت إذ قال: قاتل الله ابن الزبير، حيث يكذب على أُم المؤمنين ... " فذكر الحديث، فقال له الحارث: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين، فأنا سمعتها تحدِّث بذلك. فقال: لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته علي بناء ابن الزبير.
قال في "الفتح" جميع الروايات متفقة على أن ابن الزبير جعل الباب بالأرض، ومقتضاه أن يكون الباب الذي زاده على سمته، وقد ذكر الأزرقيّ أن جملة ما غيّره الحجاج الجدار الذي من جهة الحِجر والباب المسدود