للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي في الجانب الغربيّ عن يمين الركن اليمانيّ، وما تحت عتبة الباب الأصليّ، وهو أربعة أذرع وشبر، وهذا موافق للروايات المذكورة. لكن المشاهد الآن في ظهر الكعبة باب مسدود ومقابل الباب الأصلي، وهو في الارتفاع مثله، ومقتضاه أن يكون الباب الذي كان على عهد ابن الزبير لم يكن لاصقًا بالأرض، فيحتمل أن يكون لاصقًا كما صرحت به الروايات، لكن الحجاج لما غيّره رفعه، ورفع الباب الذي يقابله، ثم بدا له فسدَّ الباب المجدد، لكن لم أر النقل بذلك صريحًا.

قلت: بل ظاهر النقل أو صريحه مخالفٌ له، لما مر عن مسلم أن عبد الملك أمره بسد الباب الذي فتحه ابن الزبير، وقال الفاكهانيّ: إن الحجاج بادر إلى فعل ما أمر به، فكيف يقال إنه رفع الباب أولًا، ثم بدا له فسدَّه، فإنه مأمورٌ مبادرٌ إلى ما أمر به. وذكر الفاكهانيّ في أخبار مكة أنه شاهد هذا الباب المسدود من داخل الكعبة في سنة ثلاث وستين ومئتين، فإذا هو مقابل باب الكعبة، وهو بقدره في الطول والعرض، وإذا في أعلاه كلاليب ثلاثة، كما في الباب الموجود سواء.

وأما زمن بناء ابن الزبير للبيت، فقد قال ابن سعد عن ابن أبي مُلَيكة: لم يبن ابن الزبير الكعبة حتى حج الناس سنة أربع وستين، ثم بناها حين استقبل سنة خمس وستين. وحُكِي عن الواقِدِيّ أنه ردّ ذلك، وقال: الأثبت عندي أنه ابتدأ بناءها بعد رحيل الجيش بسبعين يومًا، وجزم الأَزْرَقِيّ بأن ذلك كان في نصف جمادى الآخرة سنة أربع وستين، ويمكن الجمع بأن يكون ابتداء البناء من ذلك الوقت، وامتد أمده إلى الموسم، ليراه أهل الآفاق ليشنع علي بني أُمية.

ويؤيده أنّ في تاريخ المسيمي أن الفراغ من بناء الكعبة كان في سنة خمس وستين، وزاد المحب الطَّبريّ أنه كان في شهر رجب. قال في "الفتح": وإن لم يكن هذا الجمع مقبولًا، فالذي في الصحيح مقدم علي غيره، قلت: لم أر في واحد من الصصحيحين التصريح بشيء يكون مقدمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>