فسأله أحد الرجلين. وصححَّ ابن بَشْكوال أن الذي تولّى السؤال عن ذلك هو المقداد وعليّ هذا، فنسبة عمار إلى أنه "سأل عن ذلك" محمولة على المجاز أيضًا، لكونه قصده لكن تولى المقداد الخطاب دونه.
وقوله "فقال فيه الوضوء" هذا مطابق لكون السائل المقداد، وفي رواية الغُسل، فقال: توضأ واغسل ذكرك. وهذا الأمر، بلفظ الإفراد، يشعر بأن المقداد سأل لنفسه، ويحتمل أن يكون سأل لمبهم أو لعليّ، فوجه النبيُّ صلى الله تعالى عليه وسلم الخطاب إليه. وفي رواية لمسلم، فقال: يغسل ذكره ويتوضأ بلفظ الغائب، فيحتمل أن يكون سؤال المقداد وقع على الإبهام، وهو الأظهر، ففي مسلم، أيضًا فسأله عن المذي يخرج من الإنسان وفي الموطأ نحوه. والظاهر أن عليًا كان حاضر السؤال، فقد أطبق أصحاب المسانيد والأطراف على إيراد هذا الحديث في مسند علي، ولو حملوه على أنه لم يحضر، لأوردوه في مسند المقداد، ويؤيده ما في رواية النَّسائيّ عن أبي حصين في هذا الحديث، عن علي قال: فقلت لرجل جالس في جنبي: سله، فسأله. وفي رواية لأبي داود والنَّسائيّ وابن خُزَيمة، ذكر سبب ذلك عن حَصين بن قُبَيْصةَ عن عليّ قال: كنت رجلًا مذاءًا، فجعلت أغتسل منه في الشتاء حتى تشقق ظهري، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تفعل.
ولأبي داود وابن خُزيمة عن سَهل بن حُنيف أنه وقع له نحو ذلك، وأنه سأل عنه بنفسه. واستدل بقوله عليه الصلاة والسلام "توضّأ" على أن الغُسل لا يجب بخروج المذي، وصرح بذلك في رواية أبي داود وغيره، وهو إجماع، وعلى أن الأمر بالوضوء منه كالأمر بالوضوء من البول، وحكى الطحاويّ عن قوم أنهم قالوا بوجوب الوضوء بمجرد خروجه، ثم رد عليهم بما رواه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عليّ قال: سئل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم عن المَذْي فقال: فيه الوضوء، وفي المَنْي الغُسْل.