للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصريحة، وتحصيلًا للتوفيق بين الحديثين الواجب الجمع بينهما؟ وأما حصول النقض بمس بعض الذكر، فيجاب عنه بأنه جعل فيه النقض بمس البعض ليتيقن حصول الوضوء صحيحًا، فتبرأ به الذمة من الصلاة، والأصل أن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق، ولو حمل على أن المس لابد أن يكون لجميعه، بقي احتمال كون المراد به البعض، فلا يتحقق من مس البعض صحة وضوئه، وكذلك الأمر بالغسل للذكر حمل على الحقيقة، لأنه لو حُمل على غسل البعض الذي هو خلاف المتبادر من اللفظ، لم تتحقق براءة الذمة من المأمور به، ولا صحة وضوء الخارج منه المذي، وبالله تعالى التوفيق.

واختلف القائلون بوجوب غسل جميعه، هل هو معقول المعنى أو للتعبد؟ فعلى الثاني تجب النية فيه، قال الطحاويّ: لم يكن الأمر بغُسله لوجوب غسله كله، بل ليتقلص فيبطل خروجه كما في الضرع إذا غسل بالماء البارد، ويتفرق لبنه إلى داخل الضرع، فينقطع خروجه. قلت: العلة تشمل البول، فلِمَ لم يأمر الشارع بغسل الذكر فيه؟

واستدل به أيضًا على نجاسة المذي، وهو ظاهر، وخرَّج ابن عقيل الجنبليّ من قول بعضهم إن المذي من أجزاء المني، رواية بطهارته، وتعُقِّب بأنه لو كان منيًا لوجب الغسل منه. واستدل به على قبول خبر الواحد، وعلى جواز الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع به. وفيهما نظر، لأن السؤال كان بحضرة عليّ رضي الله تعالى عنه، كما مر، ولو صح أن السؤال كان في غيبته، لم يكن دليلًا على المدعى، لاحتمال وجود القرائن التي تحفُّ الخبر فترقيه عن الظن إلى القطع. والمراد بالاستدلال به على قبول خبر الواحد مع كونه خبر واحد، أنه صورة من الصور التي تدل، وهي كثيرة، تقوم الحجة بجملتها، بفرد معين منها.

وفيه جواز الاستنابة في الاستفتاء، وقد يؤخذ منه جواز دعوى الوكيل

<<  <  ج: ص:  >  >>