لها بئر عليّ، وهي أبعد المواقيت من مكة، فقيل: الحكمة في ذلك أن تعظم أجور أهل المدينة، وقيل: رفقًا بأهل الآفاق؛ لأن أهل المدينة أقرب الآفاق إلى مكة أي ممن له ميقات معين.
وقوله:"ويهلُّ أهل الشام من الجُحْفَة" بضم الجيم وسكون المهملة، وهي قرية خَرِبة بيتها وبين مكة خمس مراحل أو ستة. وفي حديث ابن عمر أنها مَهْيعةٌ، بوزن علقمة، وقيل بوزن لطيفة، وسميت الجُحفة لأن السيل أجحف بها. قال ابن الكلبيّ: كان العمالق يسكنون يثرب، فوقع بينهم وبين بني عَبِيل، بفتح المهملة بوزن عظيم، وهم أخوة عاد حرب، فأخرجوهم من يثرب، فنزلوا مهيعة، فجاء سيل فاجتحفهم، أي استأصلهم، فسميت الجحفة.
وقوله "ويهل أهل نجدٍ من قَرْن"، أما نجد فهو كل مكان مرتفع، وهو اسم لعشرة مواضع، والمراد هنا التي أعلاها تهامة واليمن، وأسفلها الشام والعراق، وجميع ما يسمى نجدًا مضاف أي: نجد كذا، إلا هذا، أو يقال لقْرن قَرْن المنازِل، بلفظ جمع المنزل، وهو اسم المكان، وهو بفتح القاف وسكون الراء، وغلط من قال بفتح الراء، لكن حكى عياض عن القابِسيّ أن من قاله بالإسكان أراد الجبل، ومن قاله بالفتح أراد الطريق.
والجبل المذكور بينه وبين مكة من جهة المشرق مرحلتان، وحكى الروياني عن بعض الشافعية، أن المكان الذي يقال له قَرْن موضعان: أحدهما في هبوط، وهو الذي يقال له قَرْن المنازل، والآخر في صعود وهو الذي يقال له قرْنُ الثعالب، والمعروف الأول. وفي أخبار مكة للفاكهانيّ: أن قَرن الثعالب جبل مشرف على أسفل مِنى، بينه وبين مسجد مني ألف وخمس مئة ذراع. وقيل له قرن الثعالب، لكثرة ما كان يأوي إليه من الثعالب، فظهر أن قرن الثعالب ليس من المواقيت.
وقوله "ويهل" في الكل على صورة الخبر في الظاهر، والظاهر أن المراد منه الأمر، فالتقدير "ليهل"، وقوله "وقال ابن عمر" هو بواو العطف في