غير رواية ابن عساكر والأصيلي، فإنها أي: الواو، ساقطة، والعطف على لفظٍ عن عبد الله بن عمر عطفا من جهة المعنى، كأنه قال: قال نافع قال عبد الله بن عمر ما مر. وقال "ويزعمون" وهو عطف على مقدر، أي: وقال: قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: كذا. ويزعمون أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال:"ويهل أهل اليمن من يلمْلَم" وهذا التقدير لابد منه؛ لأن هذه الواو لا تدخل بين القول ومقوله، ويلملم بفتح المثناة التحتية وفتح اللامين، جبل من جبال تهامة على مرحلتين من مكة، بينهما ثلاثون ميلًا ويقال "ألملم" بالهمزة بدل الياء، وهو الأصل والياء تسهيل لها، وحكي فيه "يَرَمْرَم" براءين بدل اللامين، وفي عبارة القاضي حسين في سياقه لحديث ابن عباس "ولأهل نجد اليمن ونجد الحجاز قَرْن"، وهذا لا يوجد في شيء من طرق حديث ابن عباس، وإنما يوجد ذلك من مرسَل عطاء، وهو المعتمد، فإن لأهل اليمن إذا قصدوا مكة طريقين: إحداهما طريق أهل الجبال، وهم يصلون إلى قَرْن أو يحاذونه، فهو ميقاتهم، كما هو ميقات أهل المشرق، والأخرى طريق أهل تهامة، فيمرون بيلملم، أو يحاذونه، وهو ميقاتهم لا يشاركهم فيه إلا من أتى عليه من غيرهم.
وقول ابن عمر "ويزعمون" إلى آخره، يفسر بمن روى الحديث تامًا، كابن عباس وغيره، وقوله "وقال ابن عمر: لم أفقه هذه من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" أي: لم أفهم هذه الأخيرة، أي يلملم لأهل اليمن، وهذا من شدة تحرّيه وورعه.
وفيه دليل على إطلاق الزعم على القول المحقق، لأن ابن عمر سمع ذلك من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، لكنه لم يفهمه، لقوله: لم أفقه هذه، أي الجملة الأخيرة، فصار يرويها من غيره، وأيضًا فإن ابن عمر لا يريد بهؤلاء الزاعمين إلا أهل الحجة، والعلم بالسنة، ومحالٌ أن يقولوا ذلك بآرائهم، لأن هذا ليس مما يقال بالرأي.