ابن جُرَيج والليث عن نافع أن ذلك كان في المسجد، قال في "الفتح": ولم أر ذلك في شيء من الطرق عنهما، لكن أخرج البيهقيّ عن نافع عن ابن عمر قال: نادى رجل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو يخطب بذلك المكان، وأشار نافع إلى مُقَدم المسجد، فذكر الحديث" وظهر أن ذلك كان بالمدينة.
ووقع في حديث ابن عباس في آخر الحج عند المصنف أنه صلى الله تعالى عليه وسلم خطب بذلك في عرفات، فيحُمل على التعدد، ويؤيده أن حديث ابن عمر أجاب به السائل، وحديث ابن عباس ابتدأ به في الخطبة. وقوله "لا يُلْبَسُ القميص" هو بالرفع على الخبر، وهو في معنى النهي، وروى بالجزم على أنه نهي، وأجمعوا على أن المراد بالمُحْرِم هنا الرجلُ، ولا تلتحق به المرأة في ذلك.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس جميع ما ذكر، وإنما تشترك مع الرجل في منع الثوب الذي مسه الزعفران أو الوَرْس، ويؤيده ما في حديث اللّيث الآتي في آخر الحج، ولا تَنْتَقبُ المرأة وقال عياض: أجمع المسلمون على أن ما ذكر في هذا الحديث لا يلبسه المُحرم وأنه نبه بالقميص والسراويل على كل مَخِيط، وبالعمائم والبرانس على كل ما يغطى الرأس به، مخيطًا أو غيره، وبالخِفاف على كل ما يستر الرجل.
وخصَّ ابن دقيق العيد الإجماع الثاني بأهل القياس، وهو واضح، والمراد بتحريم المخِيط ما يُلْبس على الموضع الذي جعل له، ولو في بعض البدن، فأما لو ارتدى بالقميص مثلًا فلا بأس وقال الخَطَّابيّ: ذكر العِمامة والبُرْنُس معًا ليدل على أنه لا تجوز تغطية الرأس، لا بالمعتاد ولا بالنادر. قال: ومن النادر، المِكْتَل يحمله على رأسه فإن أراد أنه يجعله على رأسه كلابس القُبعُ صح ما قال، وإلا فمجرد وضعه على رأسه على