للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مرة مرة أو مرتين مرتين، ويقال: معنى "أساء" في الأدب بتركه السنة، والتأدب بآداب الشريعة، ومعنى "ظلم" أي: ظلم نفسه بما نقصها من الثواب، وفي تركه الفضيلة والكمال.

الخامس: أنه يكون ظالمًا إذا اعتقد خلاف السنة في الثلاث.

ومن الغرائب ما حكاه أبو حامد الإسْفَرايينيّ عن بعض العلماء أنه لا يجوز النقص من الثلاث، وكأنه تمسك بظاهر الحديث المذكور، وهو محجوج بالإجماع.

وأما قول مالك في "المدونة": لا أحب الواحدة إلا من العالم. فليس فيه إيجاب زيادة عليها، واختلف في معنى "أساء" و"ظلم"، فقيل: أساء في النقص وظلم في الزيادة، فإن الظلم مجاوزة الحدود، ووضع الشيء في غير محله. وقيل عكسه, لأن الظلم يستعمل بمعنى النقص، لقوله تعالى: {آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف: ٣٣] وقيل: أساء وظلم فيهما، واختاره ابن الصلاح، لأنه ظاهر الكلام.

وكره أهل العلم الإسراف فيه، وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.

وقوله: "وكره أهل العلم الإسراف فيه" أهل العلم المجتهدون، والإسراف هو صرف الشيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي، بخلاف التبذير فإنه صرف الشيء فيما لا ينبغي.

والكراهة للتنزيه على ما هو المعتمد من قولين مشهورين عند المالكية بالمنع والكراهة، وعلى ما هو الأصح أيضًا من مذهب الشافعية، وقال أحمد وإسحاق وغيرهما: لا تجوز الزيادة على الثلاث، وقال ابن المبارك: لا آمن أن يأثم.

وأشار المصنف بما ذكر إلى ما أخرجه ابن أبي شَيْبة عن هِلال بن يسافٍ أحد التابعين، قال: كان يُقال: من الوضوء إسراف ولو كنت على شاطىء نهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>