وأُخرج نحوه عن أبي الدَّرداء وابن مسعود، ورُوي في معناه حديث مرفوع أخرجه أحمد وابن ماجه بإسناد ليّن عن عبد الله بن عمرو، وحكى الدّارمي من الشافعية عن قوم: إن الزيادة على الثلاث تُبطل الوضوء كالزيادة في الصلاة، وهو قياس فاسد.
ولو شك في أثناء الوضوء في غرفة هل هي ثالثة أو رابعة؟ ففي ذلك عند المالكية قولان بالكراهة والندب، علة الأول خوف الوقوع في المنهي عنه، وعلة الثاني الاعتبار بالأصل كالشك في الركعات، وكذلك عند الشافعية قولان هل يأخذ بالأكثر حذرًا من زيادة رابعة، أو يأخذ بالأقل كالركعات وهو الأصح. ونصت الشافعية على أن الشك بعد الفراغ لا عبرة به على الأصح، لئلا يؤديه الأمر إلى الوسوسة المذمومة.
وقوله:"وأن يجاوِزوا فعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" وهذا عطف تفسير على ما قبله، إذ ليس المراد بالإِسراف إلا المجاوزة عن فعله صلى الله تعالى عليه وسلم الثلاث، فقد أخرج ابن أبي شَيْبة، عن ابن مسعود، قال: ليس بعد الثلاث شيء.
قال في "الفتح": ويلزم من القول بتحريم الزيادة على الثلاث أو كراهتها أنه لا يُندب تجديد الوضوء على الإطلاق، واختُلف عند الشافعية في القيد الذي يزول به حكم الزيادة على الثلاث، فالأصح إن صلّى به فرضًا أو نفلًا، وقيل: فرضًا فقط. وقيل: مثله حتى سجدة التلاوة والشكر ومسّ المصحف. وقيل: ما يُقصد له الوضوء وهو أعم. وقيل: إذا وقع الفصل بزمن يُحتمل في مثله نقض الوضوء عادة. وعند المالكية يُندب تجديده إن صلّى به أو فعل به ما يتوقَّف على طهارة، كطوافٍ، ومس مصحفٍ على الراجح، ولو لم يفعل به ما يتوقف على الطهارة لم يجز التجديد، أي: يكره أو يمنع على الخلاف السابق في الرابعة، ولابد من كون المجدد له الوضوء صلاة ولو نافلة، أو طوافًا لا غيرهما كمس مصحف، فلا يجدد له الوضوء.