وقوله:"أنه يجد الشيء" أي: الحدث خارجًا منه، وصرح به الإسماعيلي، ولفظه:"يخيل إليه في صلاته أنه يخرج منهُ شيءٌ"، وفيه العدول عن ذكر الشيء المستقذر بخاص اسمه إلا للضرورة.
وقوله:"في الصلاة" قال في "الفتح": تمسك بعض المالكية بظاهره، فخصوا الحكم بمن كان داخل الصلاة، وأوجبوا الوضوء على مَنْ كان خارجها، وفرقوا بالنهي عن إبطال العبادة، والنهي عن ابطال العبادة متوقف على صحتها، فلا معنى للتفريق بذلك, لأن هذا التخيُّل إن كان ناقضًا خارج الصلاة فينبغي أن يكون كذلك فيها كبقية النواقض.
قلت: القائل بهذا التفصيل هو مالك وابن القاسم، قالا: يتمادى في صلاته إذا طرأ له الشك فيها، فإن بان له الطهر بعد ذلك صحت صلاته، وإن بان له الحدث أو استمر على شكه أعاد الصلاة لنقض وضوئه، متمسكين بقوة جانب الصلاة لدخوله فيها جازماً بالطهر، وبحديث:"إن الشيطان يَفْسو بين ألْيَتَيْ أحدكم إذا كان يصلي، فلا ينصرفْ حتى يسمعَ صوتًا أو يجدَ ريحًا" وفي رواية: "فإذا كان يصلي فلا ينصرِفْ ... إلخ"، أخرجه أبو داود بلفظ:"إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحًا أو حركة في دُبُره فأشكل عليه فلا ينصرفْ ... الحديث"، وأخرج أحمد والبزار قريبًا من اللفظ الأول.
وقد قال هو في "تلخيص الحبير": حديث أبي داود حجة لمالك، فالحديث نص في إلغاء الشك العارض في أثناء الصلاة، وأنه لا ينصرف من تلك الصلاة إلا بتحقق الحدث، فأعملا ظاهر الحديث، واحتاطا للصلاة بأنه إذا استمر على الشك ينتقض وضوؤه ويعيد الصلاة.
وقوله:"لا ينفتِلُ" بالجزم على النهي، ويجوز الرفع على أن لا نافية.
وقوله:"أو لا ينصرف" بالشك من الراوي، وكأنه من علي, لأن الرواة غيره رووه عن سفيان بلفظ:"لا ينصرف" من غير شك.