للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحدث، بل مَظِنّة الحدث, لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم كانت تنام عينه ولا ينام قلبه، ولو أحدث لعلم بذلك، ولهذا كان ربما توضأ إذا قام من النوم، وربما لم يتوضأ، وإنما مُنعَ قلبُه النومَ ليعيَ الوحي الذي يأتيه في منامه.

وقوله: "قلنا" القائل هو سفيان، والحديث المسؤول عنه عمرو صحيح، رواه البخاري في مواضع من كتابه، وقد تكلمنا على معارضته لحديث الوادي، وأشبعنا الكلام عليه عند ذكر هذا الحديث في باب السمر في العلم.

وقوله: "رؤيا الأنبياء وحيٌ" رواه مسلم مرفوعًا، ووجه الاستدلال بما تلاه من جهة أن الرؤيا لو لم تكن وحيًا لما جاز لإبراهيم عليه السلام الإقدام على ذبح ولده.

وأغرب الداوودِيُّ فقال: قول عبيد بن عمير لا تعلق له بهذا الباب. وهذا إلزام منه للبخاريّ بأن لا يذكر من الحديث إلا ما يتعلق بالترجمة فقط، ولم يشترط ذلك أحد. وإن أراد أنه لا يتعلق بحديث الباب أصلًا فممنوع, لأنه أتى به عمرو تعضيدًا للحديث الذي سُئل عنه.

قال ابن العَربيّ: اعلم أن رؤيا الأنبياء وحيٌ، فما أُلقى إليهم، أو نَفَثَ به المَلَكُ في رَوْعهم، أو ضُرِبَ المثل له عليهم فهو حقٌّ، وقد بُيِّنتْ حقيقة الرؤيا وأنواعها عند حديث "مَنْ رآني في المنام" بيانًا كافيًا لا يحتاج إلى زيادة.

ومما يحتاج للذكر هنا ما جرى من الخلاف بين العلماء في الذبيح، هل هو إسماعيل أو إسحاق عليهما السلام؟

فعند أحمد عن أبي الطُّفَيْل عن ابن عبّاس قال: إن إبراهيم لما رأى المناسك، عرض له إبليس عند المسعى، فسبقه إبراهيم، فذهب به جبريل إلى العقبة، فعرض له إبليس، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، وكان على إسماعيل قميص أبيض، وثم تَلَّهُ للجبين، فقال: يا أبتِ إنه ليس لي قميص تكفِّنني فيه غيره فاخلعه، فنودي من خَلفه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فالتفت، فإذا بكبش أبيض أقرن أعين، فذبحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>