إسماعيل, لأن سارة وإسحاق لم يكونا بمكة، وما رُوي عن سعيد بن جُبير من أنه قال: أُرِيَ إبراهيم ذبح إسحاق في المنام، فسار به مسيرة شهر في غداة واحدة حتى أتى به المنحر بِمنى، فلما صرف الله عنه الذبح أمره أن يذبح به الكَبش، فذبحه، وسار إلى الشام مسيرة شهر في روحة واحدة، وطويت له الأودية والجبال. مستبعد جدًّا.
ومما رُوي أن الذبيح إسحاق ما أخرجه ابن أبي حاتم، عن السُّدِّي، أن إبراهيم نذر إن رزقه الله من سارة ولدًا أن يذبحه قربانًا، فرأى في المنام أن أُوْف بنذرك، فقال إبراهيم لإسحاق، انطلق بنا نقرِّبْ قُربانًا، وأخذ حبلًا وسكّينًا، ثم انطلق به، حتى كان بين الجبال، قال: يا أبت أين قربانك؟ قال: أنتَ {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ...}[الصافات: ١٠٢]، فقال: اشدد رباطي حتى لا أضطرب. واكفف ثيابك حتى لا ينتضح عليها من دمي فتراه سارة فتحزن، وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون عليَّ، ففعل ذلك إبراهيم وهو يبكي، وأمر السكين على حلقه فلم تحزَّ، ومُنعت بقدرة الله تعالى، أو ضرب الله على حلقه صفيحة من نحاس، والأول أبلغ في القدرة الإلهية، وهو منع الحديد من اللحم، فكبه على جبينه، وحزّ في قفاه، فذاك قوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: ١٠٣ - ١٠٥]، فالتفت، فإذا هو بكبش، فأخذه وحل عن ابنه. هكذا ذكره السُّدي، ولعله أخذه من بعض أهل الكتاب، فقد أخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح أيضًا عن القاسم، قال: اجتمع أبو هُريرة وكعب، فحدث أبو هُريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم "إن لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مستجابة" فقال كعب: أفلا أخبرك عن إبراهيم لما رأى أنه يَذبح ابنه إسحاق، قال الشيطان: إن لم أفتِن هؤلاء عند هذه لم أفتنهم أبدًا، فذهب إلى سارة، فقال: أين ذهب إبراهيم بابنك؟ قالت: في حاجته. قال: كلاّ، إنه ذهب به ليذبحه، يزعُم أن ربَّه أمره بذلك. فقالت: أخشى أن لا يُطيع ربه. فجاء إلى إسحاق، فأجابه بنحوه، فواجه إبراهيم، فلم يلتفت إليه، فأيس أن يطيعوه.