صاحبه:"إنه صلى الله تعالى عليه وسلم عَدَل إلى الشِّعب، فقضى حاجته، فجعلت أصبُّ الماء عليه ويتوضأ"، إذ لا يجوز أن يصب عليه أسامة إلاَّ وضوء الصلاة, لأنه كان لا يقرب منه أحد، وهو على حاجته.
واستدل ابن عبد البر لما قال بأنه توضأ بعد ذلك، والوضوء لا يُشرع لصلاة واحدة مرتين، وما قاله ليس بلازم، لاحتمال أنه توضأ ثانيًا من حدث طارىء، وليس الشرط بأنه لا يُشرع تجديد الوضوء إلا لمن أذّى به صلاة فرضًا أو نفلًا متَّفَق عليه، بل ذهب جماعة إلى جوازه، وإن كان الأصح خلافه.
ويرد قوله أيضًا قوله في الرواية الأخرى:"فتوضأ وضوءً خفيفًا", لأنه لا يُقال في الناقص خفيف، وإنما توضأ أولًا ليستديم الطهارة، ولاسيما في تلك الحالة لكثرة الاحتياج إلى ذكر الله حينئذٍ، وخفف الوضوء لقلة الماء حينئذٍ.
وفي "زوائد المسند" بإسناد حسن عن علي بن أبي طالب أن ذلك الماء كان من زمزم. وقال الخطابي: إنما ترك إسباغه حين نزل الشِّعب ليكون مستصحبًا للطهارة في طريقه، وتجوز فيه؛ لأنه لم يرد أن يصلي به، فلما أرادها ونزل أسبغه.
وقوله:"فقلتُ الصلاةَ" أي: بالنصب على الإغراء، أو بتقدير أتريد أو أتصلي الصلاة، ويجوز الرفع على تقدير أحانت الصلاة.
وقوله:"الصلاةُ أمامك" مبتدأ، وأمامك بالنصب على الظرفية خبر. أي: الصلاة ستصلى بين يديك، أو أطلق الصلاة على مكانها، أي: المصلى بين يديك، أو معنى أمامك لا تفوتك وستدركها.
وفيه تذكير التابع بما تركه متبوعه ليفعله، أو يعتذر عنه، أو يبين له وجه صوابه.
واستدل ابن بطّال بقول أسامة الصلاة على بطلان ما مرَّ عن ابن عبد البر، قال: فإنه يدل على أنه رآه يتوضأ وضوء الصلاة، ولذلك قال له: أتُصلي؟ وفيما