وقوله:"على ظهر بيت لنا" وفي رواية يزيد الآتية: "على ظهر بيتنا"، وفي رواية عُبيد الله بن عمر الآتية:"على ظهر بيت حفصة" أي: أخته كما صرح به مسلم. ولابن خُزَيْمة:"دخلتُ على حفصة بنت عمر، فصعدت ظهر البيت".
وطريق الجمع أن يُقال: إضافة البيت إليه على سبيل المجاز، لكونها أخته، فله منه سبب، وحيث أضافه إلى حفصة كان باعتبار أنه البيت الذي أسكنها فيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، واستمر في يدها إلى أن ماتت فورث عنها، أو حيث أضافه إلى نفسه كان باعتبار ما آل إليه الحال, لأنه ورث حفصة دون إخوته، لكونها كانت شقيقته، ولم تترك مَنْ يحجبه عن الاستيعاب.
وقوله في هذا الحديث:"بيت حفصة" استنبط منه البخاري بترجمته في كتاب الخمس كما قال ابن المنير أن هذه النسبة تحقق دوام استحقاقهنَّ للبيوت ما بقينَ, لأن نفقتهنَّ وسكناهن من خصائص النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، والسر فيه حبسهن عليه.
وقال الطبري: كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ملَّكَ كلاًّ من أزواجه البيت الذي هي فيه، فسَكَنَّ بعده فيهن بذلك التمليك. وقيل: إنّما لم ينازَعْن في مساكنهنَّ لأن ذلك من جملة مؤنتهنَّ التي كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم استثناها لهنَّ مما كان في يده أيام حياته، حيث قال:"ما تركتُ بعد نفقة نسائي" قال: وهذا أرجح، ويؤيده أن ورثتهنَّ لم يرثن عنهنَّ منازلهنَّ، ولو كانت البيوت ملكًا لهنَّ لانتقلت إلى ورثتهنَّ، وفي ترك ورثتهنَّ حقوقهم منها دِلالة على ذلك، ولهذا زيدت بيوتَّهن في المسجد النبوي بعد موتهنَّ، لعموم نفعه للمسلمين، كما فُعل فيما كان يُصرف لهنَّ من النفقات.
قلت: انظر قوله: إن ورثتهنَّ لم يرثن عنهنَّ منازلهنَّ، مع قوله السابق: كان باعتبار ما آل إليه الحال, لأنه ورث حفصة. فظاهر هذا أنه ورث بيت حفصة، وقوله أيضًا: فورث عنها. والصحيح عدم إرثه.