تعالى عليه وسلم ليَتَّبِعها، وكذا كان رضي الله تعالى عنه، ولهذا كان يلقَّب بالأثَرِيِّ.
وقوله:"وقال لعلَّك من الذين يصلّون على أوراكِهم" الخطاب لواسع، وقد غلط مَنْ زعم أنه مرفوع.
وقوله:"فقلت: لا أدري والله" أي: لا أدري أنا منهم أم لا.
وقوله:"قال مالك ... إلخ" يعني أن مالكًا فسر المراد بقول ابن عمر: "يصلّون على أوراكِهم" بأنه مَنْ يلصق بطنه بفخذيه إذا سجد، فلا يرتفع عن الأرض، فيسجد وهو ملتصق بالأرض. وهذا خلاف هيئة السجود المشروعة، وهي التجافي والتجنح كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه في موضعه.
واستشكلت مناسبة ذكر ابن عمر لهذا مع المسألة السابقة، فقيل: يحتمل أن يكون أراد بذلك أن الذي خاطبه لا يعرف السنة، إذ لو كان عارفًا لعرف الفرق بين الفضاء والبينان، أو الفرق بين استقبال الكعبة وبيت المقدس، وإنما كنّى عمّن لا يعرف السنة بالذي يصلّي على وركيه, لأن مَنْ يفعل ذلك لا يكون إلا جاهلًا بالسنة، قاله الكرماني.
ولا يخفى تكلفه، فليس في السياق أن واسعًا سأل ابن عمر عن المسألة الأولى حتى ينسبه إلى عدم معرفتها، ثم الحصر الأخير مردودٌ, لأنه قد يسجد على وركيه مَنْ يكون عارفًا بسنن الخلاء.
والذي يظهر في المناسبة ما دل عليه سياق مسلم، ففي أوله عنده:"عن واسع قال: كنت أصلي في المسجد، فإذا عبد الله بن عمر جالس، فلما قضيتُ صلاتي انصرفت إليه من شقي، فقال عبد الله: يقول ناس ... فذكر الحديث" فكأن ابن عمر رأى منه في حال سجوده شيئًا لم يتحققه، فسأله عنه بالعبارة المذكورة، وكأنه بدأ بالقصة الأولى لأنها من روايته المرفوعة المحققة عنده، فقدمها على ذلك الأمر المظنون، ولا يبعد أن يكون قريب العهد بقول مَنْ نقل عنهم ما نقل، فأحب أن يعرِّفَ الحكم لهذا التابعي لينقله عنه.