للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فلا يمسَّ ذكره بيمينه" أي: حالة البول، والفاء في فلا جواب الشرط، كهي في السابقة، ويجوز في سين يمس الفتح لخفته، والكسر على الأصل في تحريك الساكن، وفك الإِدغام، وإنما لم يظهر الجزم فيها للإِدغام، فإذا زال ظهر.

وقوله: "ولا يتمسّحُ بيمينه" أي: تشريفًا لها عن مماسة ما فيه أذى أو مباشرته، وربما يتذكر عند تناوله الطعام ما باشرته يمينه من الأذى، فينفر طبعه عن تناوله، وقد مر في الترجمة ما قيل في المراد بالنهي.

وقد أورد الخطابي هنا بحثًا، وهو أن المستجمر متى استجمر بيساره استلزم مس ذكره بيمينه، ومتى أمسكه بيساره استلزم استجماره بيمينه، وكلاهما قد شمله النهي. وأجاب عنه بأنه يقصد الأشياء الضخمة التي لا تزول بالحركة، كالجدار ونحوه من الأشياء البارزة، فيستجمر بها بيساره، فلا يكون متصرفًا في شيء من ذلك بيمينه.

وهذه هيئة منكرة، بل يتعذر فعلها في غالب الأوقات، وتعقبه الطيبي بأن النهي عن الاستجمار باليمين مختص بالدبر، والنهي عن المس مختص بالذكر، فبطل ألا يراد من أصله كذا.

قال: وما ادّعاه من تخصيص الاستنجاء بالدبر مردود، والمس وإن كان مختصًّا بالذكر لكن يلحق به الدبر قياسًا، والتنصيص على الذَّكر لا مفهوم له، بل فرج المرأة كذلك، وإنما خص الذكر بالذكر لكون الرجال في الغالب هم المخاطبون، والنساء شقائق الرجال في الأحكام إلا ما خُص، والصواب ما قاله إمام الحرمين ومَن بعده كالغزالي والبغوي، أنه يُمِرَّ العضو بيساره على شيء يمسكه بيمينه، وهي قارّة غيرمتحركة، فلا يعدُّ مستجمرًا باليمين، ولا ماسًا بها، ومن ادعى أنه في هذه الحالة يكون مستجمرًا فقد غلط، وإنما هو كمن صب الماء بيمينه على يساره حال الاستنجاء، ومحصله أنه لا يجعل يمينه محركة للذكر ولا للحجر، ولا يستعين بها إلا لضرورة، كما إذا استنجى بالماء أو بحجر لا يقدر على الاستنجاء به إلا بمسكه بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>