للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز الرفع على الاستئناف، وأستنفض: أستفعل من النفض، وهو أن تهز الشيء ليطير غباره، وهذا هنا بمعنى أستنظف بتقديم الظاء المشالة على الفاء، وقد روي بذلك. والاستنفاض أيضًا: الاستنجاء، قال في "القاموس": استنفضه استخرجه، وبالحجر استنجى. وقال المطرِّزي: الاستنفاض الاستخراج، ويُكنى به عن الاستنجاء، ومن رواه بالقاف والصاد المهملة فقد صحَّف. وفي رواية الإسماعيلي: "أستنجي" بدل: "أستنفض".

وقوله: "أو نحوه" أي: أو قال عليه الصلاة والسلام نحو هذا اللفظ، كأستنجي، أو أستنظف، والتردد إنما هو من بعض الرواة، لما مر من جزم الإسماعيلي بـ "أستنجي".

وقوله: "ولا تأتني" بالجزم بحذف حرف العلة على النهي، وفي رواية ابن عساكر وأبي ذر بإثبات الياء على النفي، وفي رواية: "ولا تأتي".

وقوله: "بعظم ولا روث" أي: لأنهما مطعومان للجن، كأنه عليه الصلاة والسلام خشي أن يفهم أبو هريرة من قوله: "أستنجي" أن كل ما يزيل الأثر وينقي كافٍ، ولا اختصاص لذلك بالأحجار، فنبهه باقتصاره في النهي على العظم والروث، على أن ما سواهما مجزىء، ولو كان ذلك مختصًا بالأحجار كما يقوله بعض الحنابلة والظاهرية لم يكن لتخصيص هذين بالنهي معنى، وإنما خص الأحجار بالذكر لكثرة وجودها.

وزاد المصنف في المبعث في حديث أبي هريرة هذا أن أبا هُريرة قال له -صلى الله عليه وسلم- لما فرغ: ما بال العظم والروثة؟ قال: "هما من طعام الجن، وإنه أتاني وقد جِنِّ نَصيبينَ -ونعم الجن- فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمُرّوا بعظم ولا روثة إلا وجدوا عليها طعامًا".

وعند مسلم عن ابن مسعود: "أن البعر زاد دوابِّهم" ولا ينافي هذا ما سبقه، لإمكان حمل الطعام فيه على طعام الدواب. وعند أبي داود عن ابن مسعود أيضًا أن وفد الجن قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: يا محمّد: انه أمتك عن

<<  <  ج: ص:  >  >>