المرسل حجة عند المخالفين، فيه أن هذا الواقع في الحديث انقطاع لا إرسال، وليس المنقطع كالمرسل في القبول عند من يقبل المرسل كما هو معلوم عنده. وقوله: إن المقصود ثلاث مسحات ولو بواحد فيه أن هذا مخالف لمذهبه من اشتراط ثلاثة أحجار، وللحديث الذي استدل به من أنه لا يستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، فالمسحات بحجر واحد لا تصيِّره ثلاثة أحجار.
ثم قال: وفيما قاله ابن القصار نظر أيضًا, لأن الزيادة ثابتة كما قدمناه. وكأنه إنما وقف على الطريق التي عند الدّارقطني فقط. ثم يُحتمل أن يكون لم يخرج منه شىء إلا من سبيل واحد، وعلى تقدير أن يكون خرج منهما، فيحتمل أن يكون اكتفى للقبل بالمسح في الأرض، وللدبر بالثلاثة، أو مسح من كل منهما بطرفين.
وفي اعتراضه هذا نظر ظاهر، أما قوله: إن الزيادة ثابتة. فابن القصار ممكن أنه لم يصح عنده ما قاله الكرابيسيّ من سماع أبي إسحاق من علقمة، فحكم بانقطاع الحديث، فلم يقبل الزيادة لضعف المنقطع. ومتابعة عمار بن رُزَيْق إنما هي لمَعْمر عن أبي إسحاق، فلا تنفي الانقطاع. وما أبداه من الاحتمالات في طعن قوله:"إنه يحصل لكل واحد منهما أقل من ثلاثة احتمالات" عقلية لا يُعترض بها على الظاهر من كون ثلاثة أحجار للقبل والدبر لا يحصل لكل واحد منهما إلا أقل من ذلك، وما أبعد قوله: إنه يمكن أن لا يخرج من أحد السبيلين شيء، فهذا وإن جوزه العقل فالمعتاد يمنعه.
وقوله:"هذا رِكْس" بكسر الراء وإسكان الكاف، فقيل: هي لغة في رجس بالجيم، ويدل عليه رواية ابن ماجه وابن خُزيمة فإنها عندهما بالجيم. وأغرب النَّسائي فقال عقب هذا الحديث: الركس: طعام الجن. وهذا إن ثبت في اللغة فهو مريح من الإشكال. وقيل: الركس: الرَّجيع، سُمي الرجيع لأنه ردَّ من حالة الطهارة إلى حالة النجاسة، قاله الخطابي، والأولى أن يقال: رد من حالة الطعام إلى حالة الروث. قلت: المعنى متقارب, لأن حالة الطهارة هي حالة الطعام. وقال ابن بطّال: لم أر هذا الحرف في اللغة، أعني: الركس. وتُعُقِّب بأن معناه