وقوله:"فأخذت روثةً" زاد ابن خُزيمة في روايته في هذا الحديث: "إنها كانت روثة حمار"، ونقل التيمي أن الروث مختصٌّ بما يكون من الخيل والبغال والحمير.
وقوله:"وألقى الرَّوْثة" يعني: واستنجى بالحجرين على ما هو ظاهر هذا الحديث. وفيه دلالة لمذهب مالك وأبي حنيفة وداود من عدم اشتراط الثلاث في الاستنجاء. وقال الطحاوي: لو كان العدد مشترطًا لطلب ثالثًا. وقال أبو الحسن القصّار المالكي: روي أنه أتاه بثالث، لكن لا يصح، ولو صح فالاستدلال به لمن لا يشترط الثلاثة قائم, لأنه اقتصر في الموضعين على ثلاثة، فحصل لكل منهما -أي: المخرجين- أقل من ثلاثة.
واعترض في "الفتح" ما قالاه، قال: إن الطحاوي غفل عما أخرجه أحمد في "مسنده" عن معمر، عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن ابن مسعود في هذا الحديث، فإن فيه:"فألقى الروثة، وقال: إنها رِكس، اتيني بحجر" ورجاله ثقات أثبات، وقد تابع عليه معمرًا أبو شعبة الواسطي -وهو ضعيف- أخرجه الدَّارقطني، وتابعهما عمار بن رُزَيْق وهو أحد الثقات عن أبي إسحاق، وقد قيل: إن أبا إسحاق لم يسمع من علقمة، لكن أثبت الكرابيسيّ سماعه لهذا الحديث منه، وعلى تقدير أن يكون أرسله عنه فالمرسل حجة عند المخالفين، وعندنا أيضًا إذا اعتضد.
واستدلال الطحاوي فيه نظر بعد ذلك، لاحتمال أن يكون اكتفى بالأمر الأول في طلب الثلاثة، فلم يجدد الأمر بطلب الثالث، أو اكتفى بطرف أحدهما عن الثالث، لان المقصود بالثلاثة أن يمسح بها ثلاث مسحات، وذلك حاصل ولو بواحد. والدليل على صحته أنه لو مسح بطرف واحد ورماه، ثم جاء شخص آخر فمسح بطرقه الآخر لأجزأهما بلا خلاف.
هذا ما اعترض به على الطحاوي، وفي بعض اعتراضه نظر، فقوله: إن