وقوله:"حتى يصليها" أي: حتى يفرغ منها، فحتى غاية لحصل المقدر بعدما العامل في الظرف الذي هو بين، إذ الغفران لا غاية له.
وقال في "الفتح": "حتى يصليها" أي: حتى يشرع في الصلاة الثانية، واعترضه العيني بأنه حينئذ يكون قوله:"حتى يصليها" لا فائدة فيه، إذ لا زيادة فيه على قوله:"ما بينه وبين الصلاة".
وقوله:"قال عروة: الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا}[البقرة: ١٦٠] يعني: الآية التي في البقرة إلى قوله: {اللاعنونَ} كما صرَّح به مسلم. ومراد عثمان رضي الله تعالى عنه أن هذه الآية تحرض على التبليغ، وهي وإن نزلت في أهل الكتاب، لكن العبرة بعموم اللفظ، وقد تقدم نحو ذلك لأبي هُريرة في كتاب العلم. وإنما كان عثمان يرى ترك تبليغهم ذلك لولا الآية المذكورة خشية عليهم من الاغترار.
وقد روى مالك هذا الحديث في "الموطأ" عن هشام بن عُروة، ولم يقع في رواية تعيين الآية، فقال من قِبَل نفسه: "أراه يريد: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود: ١١٤]، وما ذكره عروة راوي الحديث بالجزم أولى.
ثم إن ظاهر الحديث يقتضي أن المغفرة لا تحصُل بما ذكر من إحسان الوضوء، بل حتى تنضاف إليه الصلاة. قال ابن دقيق العيد: الثواب الموعود به يترتب على مجموع الوضوء على النحو المذكور، وصلاة الركعتين بعده به، والمترتب على مجموع أمرين لا يترتب على أحدهما إلاّ بدليل خارج، وقد أدخل قوم هذا الحديث في فضل الوضوء وعليهم في ذلك هذا السؤال.
ويجاب بأن كون الشيء جزءً فيما يترتب عليه الثواب العظيم كاف في كونه ذا فضل، فيحصل المقصود من كون الحديث دليلًا على فضيلة الوضوء.
ويظهر بذلك الفرق بين حصول الثواب المخصوص وحصول مطلق الثواب، فالثواب المخصوص يترتب على مجموع الوضوء على النحو المذكور