مكانًا طاهرًا منه أو نجسًا بثرةً أو جرحًا أو أثر الاستجمار بالأحجار بعد بلل المحل بالعرق أو باليد.
قال البيضاوي: فيه إيماء إلى أن الباعث على الأمر بذلك احتمال النجاسة؛ لأن الشارع إذا ذكر حكمًا وعقّبه بعلة دلَّ على أن ثبوت الحكم لأجلها، ومثله قوله في حديث المحرم الذي سقط فمات:"فإنه يبعثُ ملبيًا" بعد نهيهم عن تطييبه، فنبه على علة النهي، وهي كونه محرمًا.
وتعقبه أبو الوليد الباجي بأنه لو كان لأجل النجاسة استلزم الأمر بغسل ثوب النائم لجواز ذلك عليه. وأجيب بأنه محمول على ما إذا كان العرق في اليد دون المحل. وهذا جواب في غاية الضعف، فمن أين لقائله بهذا التعيين؟ وإذا حصل العرق في اليد ففي المحل أولى على ما لا يخفى، وأيضًا إذا تنجست يد النائم بالعرق احتمل تنجس الثوب والجسد منها. أو يجاب بأن المستيقظ لا يريد غمس ثوبه في الماء حتى يؤمر بغسله، بخلاف اليد، فإنه محتاج إلى غمسها.
قال في "الفتح": وهذا أقوى الجوابين.
قلت: هذا أضعف من الأول, لأنه إذا كان لا يريد إدخاله في الماء يريد الصلاة به، فيغسله لأجل الصلاة به.
والدليل على أنه لا اختصاص لذلك بمحل الاستجمار ما رواه ابن خُزيمة وغيره عن أبي هريرة في هذا الحديث، ففيه:"أين باتت يدهُ منه" وقد تابع فيه عبد الصمد عن شعبة، وأخرجه ابن مَندة عن طريقه، فلم يقع فيه تفرد.
ومفهوم قوله:"لا يدري" أن من درى أين باتت يده، كمن لف عليها خرقة مثلًا، فاستيقظ وهي على حالها، أن لا كراهة، وإن كان غسلها مستحبًّا على المُختار كما في المستيقظ. ومن قال بان الأمر في ذلك للتعبد كمالك لا يفرق بين شاكٍّ ومتيقن للطهارة.
واستدل بهذا الحديث على التفرقة بين ورود الماء على النجاسة، وورود