للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتخفيف الياء على المشهور, لأن الألف عوض عن ياء النسب، فلو شدّدت لكان جمعًا بين العوض والمعوض، وجوز سيبويه التشديد، وقال: إن الألف زائدة.

وفي البيت أربعة أركان: الأول له فضيلتان، كون الحجر الأسود فيه، وكونه على قواعد إبراهيم. وللثاني الثانية فقط، وليس للآخرين شيء منهما، فلذلك يُقبل الأول ويُستلم الثاني فقط، ولا يقبل الآخران ولا يستلمان، هذا على رأي الجمهور، واستحبَّ بعضهم تقبيل الركن اليماني فقط.

وعلى هذا لو بني البيت على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام الآن استُلمت كلها, ولذلك لما ردّهما ابن الزُّبير على القواعد استلمهما واستلمهما الناس، فقد روى الأَزْرَقي في "كتاب مكة" أن ابن الزبير لما فرغ من بناء البيت، وأدخل فيه من الحِجْر ما أُخرج منه، ورد الرُّكنين على قواعد إبراهيم، خرج إلى التَّنعيم، واعتمر، وطاف بالبيت، واستلم الأركان، الأربعة، ولم يزل البيت على قواعد إبراهيم إذا طاف الطائف استلم الأركان جميعها حتى قُتل ابن الزبير. وأخرَجَ من طريق ابن إسحاق، بلغني أن آدم لما حج استلم الأركان كلها، وأن إبراهيم وإسماعيل لما فرغا من بناء البيت طافا به سبعًا يستلمان الأركان.

وظاهر الحديث أن غير ابن عمر من الصحابة الذين رآهم عبيد كانوا يستلمون الأركان كلها، وقد صح ذلك عن معاوية وابن الزبير، فقد أخرج أحمد والترمذي والحاكم عن أبي الطفيل قال: كنت مع ابن عباس ومعاوية، فكان معاوية لا يمر بركن إلا استلمه. فقال ابن عباس: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يستلم إلاَّ الحَجَرَ واليماني. فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورًا. وقد رواه أحمد، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه طاف مع معاوية. فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورًا. فيقول ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]. وأما رواية أحمد عن شعبة أن ابن عباس هو الذي استلم الأركان كلها، فقال معاوية: إنما استلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذين الركنين اليمانيين، فقال ابن عباس: ليس من أركانه شيء مهجور. فهي رواية مقبولة،

<<  <  ج: ص:  >  >>