للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رواها أحمد أيضًا، عن سعيد بن أبي عَروبة على الصواب.

وروى الشافعي أن ابن عباس كان يمسح الركن اليماني والحَجَرَ، وكان ابن الزبير يمسح الأركان كلها، ويقول: ليس شيء من البيت مهجورًا. ويقول ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. [الأحزاب: ٢١].

وأخرج أحمد أيضاً عن مجاهد، عن ابن عباس أنه طاف مع معاوية، فقال: ليس شيء من البيت مهجورًا. فقال له ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، فقال معاوية: صدقت.

وحمل ابن التين تبعًا لابن القصار استلام ابن الزبير للكل على ما بعد تعميره للبيت على قواعد إبراهيم. وهو متعقّب بما أخرجه ابن أبي شيبة موصولًا، عن عبّاد بن عبد الله بن الزبير، أنه رأى أباه يستلم الأركان كلها، وقال: إنه ليس شيء من البيت مهجورًا. وفي "الموطأ" عن هشام بن عُروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يستلم الأركان كلها، فهذا يدلُّ على أن هذا إعادته مطلقًا.

قلت: ليس في ما ذكر أنه كان يفعل قبل تعميره للبيت حتى يُساق على ابن التين.

وروى ابن المنذر وغيره استلام جميع الأركان أيضًا عن جابر وأنس والحسن والحسين من الصحابة، عن سُويد بن غَفَلة من التابعين.

وأجاب الشافعي عن قول من قال: ليس شيء من البيت مهجورًا، بأنّا لم ندع استلامهما هجرًا للبيت، وكيف يهجره وهو يطوف به، ولكنا نتبع السنة فعلًا وتركًا، ولو كان ترك استلامهما هجرًا لهما لكان في ترك ما بين الأركان هجرًا له، ولا قائل به.

وقوله: "النعال السِّبْتية" بكسر المهملة وسكون الموحدة آخره مثناة فوقية، التي لا شعر عليها، مشتقة من السِّبت وهو الحَلْق، وهو ظاهر جواب ابن عمر الآتي قريبًا، أو هي جلد البقر المدبوغ بالقَرَظِ. والسُّبتَ بالضم نبتٌ يُدبغ به،

<<  <  ج: ص:  >  >>