للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "يلبَس النعال" ولغير الأربعة: "النعل" بالإفراد.

وقوله: "فأنا أحبُّ أن ألبَسها"، في رواية الحموي والمستملي: "فإني أحبُّ".

واستدل بهذا الحديث في لباس النبي -صلى الله عليه وسلم- النعال السِّبتية، ومحبة ابن عمر لها لذلك، على جواز لبسها على كل حال.

وقال أحمد: يكره لبسها في المقابر لحديث بشير بن الخصَاصِيَّة أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم، واحتج به على ما ذكر، قال: "بينما أنا أمشي في المقابر وعلي نعلان، إذا رجل ينادي من خلفي: يا صاحب السِّبتيَّتين، إذا كنت في هذا الموضع فاخلع نعليك".

وتعقبه الطَّحاوي بأنه يحتمل أن يكون الأمر بخلعهما لأذى فيهما، وقد ثبت في الحديث أن الميت يسمع قرع نعالهم إذا ولَّوا عنه مدبرينَ، وهو دالٌّ على لُبس النعال في المقابر. قال: وثبت حديث أنس "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في نعليه" قال: فإذا جاز دخول المسجد بالنعال، فالمقبرة أولى.

ويحتمل أن يكون النهي لإكرام الميت، كما ورد النهي عن الجلوس على القبر، وليس ذكر السِّبتيتين للتخصيص، بل اتفق ذلك، والنهي إنما هو للمشي على القبور بالنعال.

وقوله: "فانا أحبُّ أن أصبغَ بها" وفي رواية: "فإني أحبُّ" يحتمل صبغ ثيابه لما في الحديث المروي في "سنن" أبي داود: "وكان يصبُغُ بالورس والزَّعفران حتى عِمامته" أو صبغ شعره، لما في "السنن": "إنه كان يصفِّر بهما لحيتَه" وكان أكثر الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم يخضِب بالصُّفرة. ورجح الأول القاضي عياض، وأجيب عن الحديث المستدل به للثاني باحتمال أنه كان يتطيب بهما، لا أنه كان يصبُغ بهما، لكن حديث الباب صريح في جواز الصبغ بالصفرة، وكذلك حديث عبد الرحمن بن عوف يأتي للمؤلف في عدة مواضع في البيع والنكاح واللباس أنه تزوج، وجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه أثر صُفرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>