وكان أبو طلحة بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- يرمي يوم أحد، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرفع رأسه من خلف أبي طلحة ليرى مواقع النَّبْل، فكان أبو طَلْحة يتطاول بصدره يقي به النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويقول: نحري دون نحرك.
وفي "الصحيحين" لما نزلت: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[آل عمران: ٩٢] قال أبو طلحة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن أحب مالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة أرجو بَّرها وذخرها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بخٍ بخٍ، مال رابحٌ".
وكان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- من أجل الغزو، فصام بعده أربعين سنة لا يفطر إلا يوم أضحى أو فطر.
وروى مسلم وغيره من طريق ابن سيرين عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما حلق شعره بمِنى فرق شقه الأيمن على أصحابه الشعرة والشعرتين، وأعطى أبا طلحة الشِّق الأيسر كله.
كان من نقباء الأنصار، وشُلَّت يده يوم أحد يقي بها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
له اثنان وسبعون حديثًا، اتفقا على حديثين، وانفرد البخاري بواحد، ومسلم بآخر.
روى عنه: ربيُبه أنس، وولده عبد الله، وأنس، وأبو الحُباب، وعُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود.
مات سنة أربع وثلاثين، وصلى عليه عثمان، وقيل: قبلها بسنتين. وعلى الحديث الذي تقدم من أنه عاش بعد النبي أربعين سنة، يكون موته سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وبه جزم المدائني، ويؤيده ما رواه في "الموطأ"، وصححه الترمذي من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أنه دخل على أبي طلحة، فذكر الحديث في التصاوير، وعبيد الله لم يدرك عثمان ولا عليًّا، فيدل على تأخر وفاته.
وروي عن أنس: مات أبو طلحة غازيًا في البحر، فما وجدوا جزيرة يدفِنونه فيها إلا بعد سبعة أيام، ولم يتغير.