أشرفها، فيكون الباقي من باب الأولى، وخصه في القديم بالأول، وقال النووي في "الروضة": إنه وجه شاذٌ. وفي "شرح المهذب": إنه القوي من حيث الدليل.
والأولوية المذكورة قد تمُنع لكون فمه محل استعمال النجاسات.
وعند المالكية قصر الحكم على الولوغ المفسر بتحريك اللسان، فلو أدخل يده أو غيرها من الأعضاء أو لسانه من غير تحريك أو سقط لعابه لم يُغسل الإِناء، ولم يُرَقِ الماء.
وقوله:"في إناء أحدكم" ظاهره العموم في الآنيه، ومفهومه يخرج الماء المستنقع مثلًا، وبه قال الأوزاعي مطلقًا، لكن إذا قلنا بأن الغسل للتنجيس يجري الحكم في القليل من الماء دون الكثير. وعند المالكية مفهوم الإناء معتبر، فالحوض لا يُطلب غسله، والماء المستنقع لا شيء فيه, لأن الغسل عندهم تعبُّدي لا للتنجيس، فيقُتَصرَ فيه على ما ورد من الشارع، ويأتي قريبًا زيادة في هذا البحث.
والإضافة التي في "إناء أحدكم" يُلغى اعتبارها, لأن الطهارة لا تتوقف على ملكه، وكذا عند القائل بالتعبد لا اعتبار لها.
وزاد مسلم والنسائي وأبو رُزَيْن عن أبي هُريرة في هذا الحديث:"فليُرِقْه"، لكن قال النسائي: لا نعلم أحدًا تابع علي بن مُسْهر على زيادة "فليرقه". وقال حمزة الكِناني: إنها غير محفوظة. وقال ابن عبد البَرّ: لم يذكرها الحفاظ من أصحاب الأعمش كشعبة وأبي معاوية. وقال ابن مَنْدة: لا تُعرف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بوجه من الوجوه إلا عن علي بن مُسْهِر بهذا الإسناد، لكن قد ورد الأمر بالإراقة عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا، وفي رفعه نظر، والصحيح أنه موقوف. وأخرج الدّارقطني ذكر الإراقة عن أبي هريرة موقوفًا أيضًا، وإسناده صحيح.
قال في "الفتح": وزيادة الإراقة تقوي القول بأن الغسل للتنجيس، إذ المراد أعم من أن يكون ماء أو طعامًا، فلو كان طاهرًا لم يُؤمر بإراقته للنهي عن إضاعة المال.
والقائل بالتعبد يخُصُّ الإراقة بالماء دون الطعام، قائلًا: إن الحديث إنما