وقد روى ابن عُيينة عن عطاء بن يسار نحو رواية أبي سلمة عنه، كما أخرجه ابن أبي شَيْبة وغيره، فليس هو فردًا، وأما كونهم أفتَوْا بخلافه فلا يقدح في صحته، لاحتمال أنهم ثبت عندهم ناسخه، فذهبوا إليه، وكم من حديث منسوخ وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية.
وقد ذهب الجمهور إلى أن ما دل عليه حديث الباب من الاكتفاء بالوضوء إذا لم يُنزل المجامع منسوخ بما دلَّ عليه حديث أبي هريرة عند المصنف:"إذا جَلَس بين شُعبها الأربع وجَهَدَها، وجب الغسل" يقال: جَهَد وأجهد أي: بلغ المشقة، قيل: معناه كدَّها بحركته، أو بلغ جهده في العمل بها. وفي رواية أبي داود وألزَقَ الخِتان بالختان" بدل قوله: "ثم جهدها" وهذا يدل على أن الجهد هنا كناية عن معالجة الايلاج.
قال النووي: معنى الحديث أن إيجاب الغسل لا يتوقف على الإنزال. وتعُقِّب بأنه يُحتمل أن يراد بالجهد الإنزال لأنه هو الغاية في الأمر، فلا يكون فيه دليل. والجواب أن التصريح بعدم التوقف على الانزال قد ورد في بعض طرق الحديث المذكور، فانتفى الاحتمال. ففي رواية مسلم عن الحسن في آخر هذا الحديث: "وإن لم يُنْزل"، وفي رواية قَتادة أيضًا عن أبي خيثمة في "تاريخه": "أنزل أو لم يُنزل"، وكذا رواه الدّارقطني وصححه، وأبو داود الطَّيالسي. وبحديث عائشة أيضًا عند البيهقي: "إذا التقى الختان فقد وجب الغسل"، ورواه ابن ماجه عن عائشة، ورواه مسلم عنها بلفظ: "ومسَّ الختان الختان".
والمراد بالمس والالتقاء المحاذاة، ويدل عليه رواية الترمذي بلفظ: "إذا جاوز"، وليس المراد بالمس حقيقته لأنه لا يُتصور عند غيبة الحشفة, لأن ختانها في أعلى الفرج فوق مخرج البول الذي هو فوق مدخل الذكر، ولا يمسُّه الذكر في الجماع، فالمراد تغييب حشفة الذكر، ولو حصل المسُّ قبل الإِيلاج لم يجب الغسل بالاجماع.