وقال منصور عن إبراهيم لا بأس بالقراءة في الحمَّام.
خُصّ الحمّام بالذكر لأن القارىء فيه يكون محدثًا في الغالب.
وقد روى سعيد بن منصور عن حمّاد بن أبي سليمان، قال: سألت إبراهيم عن القراءة في الحمّام، فقال: يكره ذلك. وإسناد الأول أرجح.
وروى ابن المنذر عن علي قال: بئس البيتُ الحمّام، يُنزع فيه الحياء، ولا تقرأ فيه آية من كتاب الله. وهذا لا يدُلُّ على كراهة القراءة، وإنما هو إخبار بما هو الواقع، بأن شأن مَن يكون في الحمام أن يلتهي عن القراءة.
وحكيت الكراهة عن أبي حنيفة، وخالفه صاحبه محمد بن الحسن ومالك، فقال: لا يُكره, لأنه ليس فيه دليل خاص. وبه صرَّح صاحب "العدة" و"البيان" من الشافعية. وقال النووي في "التبيان" عن الأصحاب: لا تكره، فأطلق. وفي "شرح الكفاية" للصَّيمْري: لا ينبغي أن يقرأ. وسوّى الحَليمي بينه وبين القراءة حال قضاء الحاجة. ورجّح السُّبكي الكبير عدم الكراهة، واحتجّ بأن القراءة مطلوبة، والاستكثار منها مطلوب، والحدث يكثر، فلو كُرهت لفات خير كثير، ثم قال حكم القراءة في الحمام إن كان القارىء في مكان نظيف، وليس فيه كشف عورة لم يكره، وإلا كُراه.
وهذا التعليق وصله سَعيد بن منصور، عن أبي عَوانة، عن منصور، مثله. ورواه عبد الرزاق، عن الثَّوري، عن منصور.
ومنصور هو منصور بن المُعْتَمِر، مرَّ تعريفه في الحديث الثاني عشر من كتاب العلم. وإبراهيم بن يزيد مر في الحديث السادس والعشرين من الإيمان.
ويكتب الرسالة على غير وضوء.
في رواية الأكثر بلفظ مُضارع كتب، وفي رواية كريمة بـ"كَتْبِ" بموحدة مكسورة وكاف مفتوحة، عطفًا على قوله:"بالقراءة".