للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: التسليمة التي في التشهد. ولا يخفى بُعد هذا التأويل.

وحديث عائشة: "يسلِّم من كل ركعتين" تدخل فيه الركعتان اللتان قبل الأخيرة، فهو كالنص في محل النزاع.

وحمل الطحاوي هذا ومثله على أن الركعة مضمومة على الركعتين قبلها، ولم يتمسك في دعوى ذلك إلا بالنهي عن البُتَيْراء، مع احتمال أن يكون المراد بالبُتَيْراء أن يوتر بواحدة فردة ليس قبلها شيء، وهو أعم من أن يكون مع الوصل أو الفصل. وصرح كثير منهم بأن الفصل يقطعهما عن أن يكونا من جملة الوتر، ومن خالفهم يقول: إنهما منه بالنية.

وقول القاسم بن محمد السابق: إن كلًّا من الأمرين واسع يشمل الوصل والفصل، والاقتصار على واحدة وأكثر. وقال الكِرماني قوله: "وإن كلاًّ" أي: وإن كل واحدة من الركعة والثلاث والخمس والسبع وغيرها جائز، وأما تعيين الثلاث موصولة ومفصولة فلم يشمَلْه كلام؛ لأن المخالف من الحنفية يحمل كل ما ورد من الثلاث على الوصل، مع أن كثيرًا من الأحاديث ظاهر في الفصل كما مر عن عائشة وغيرها.

واستُدلَّ بقوله في الحديث: "تُوتر له ما قد صلَّى" على أن الركعة الأخيرة هي الوتر، وأن كل ما تقدمها شفع، وادّعى بعض الحنفية أن هذا إنما يُشرع لمن طرقه الفجر قبل أن يوتر، فيكتفي بواحدة لقوله: "فإذا خشي الصبح" فيحتاج إلى تعين الثلاث، وقد مرَّ ما ذُكر في ذلك عن القاسم.

واستدل به المالكية على تعيُّن الشفع قبل الوتر بناء على أن قوله: "ما قد صلى" من النفل، وحملُه من لا يشترط سبق الشفع على ما هو أعم من الفرض والنفل، وقالوا: إن سَبْق الشفع شرط في الكمال لا في الصحة، ويؤيد العمل الأول أن قوله: "توتر له ما قد صلى" وارد في حال صلاة النفل في جميع الأحاديث، فلا يصح حمله على الفرض، واستدل الآخرون بما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حِبان والحاكم عن أبي أيوب مرفوعًا: "الوتر حقٌ فمن شاء

<<  <  ج: ص:  >  >>