كونه واجبًا عليه، فهي دعوى لا دليل عليه؛ لأنه لم يثبت دليل وجوبه عليه حتى يحتاج إلى تكلف هذا الجمع.
واستُدِلَّ به على أن الفريضة لا تصلّى على الراحلة. قال ابن دقيق العيد: وليس ذلك بقوي؛ لأن الترك لا يدل على المنع، إلا أن يقال: إن دخول وقت الفريضة مما يكثر على المسافر، فتركُ الصلاة لها على الراحلة دائمًا يُشعر بالفرق بينها وبين النافلة في الجواز وعدمه.
وأجاب من ادَّعى وجوب الوتر من الحنفية بأن الفرض عندهم غير الواجب، فلا يلزم من نفي الفرض نفي الواجب، وهذا يتوقف على أن ابن عُمر كان يفرق بين الفرض والواجب.
واستدل الحنفية على وُجوب الوتر بقول عائشة:"فإذا أراد أن يوتر أيقظني فاوترت" قالوا: إنه سلك به مسلك الواجب حيث لم يدعها نائمة، وأبقاها في التهجد. ورُدَّ بأنه لا يلزم من ذلك الوجوب، نعم يدل على تأكد أمر الوتر، وأنه فوق غيره من النوافل الليلية.
وقال الطحاوي: ذُكر عن الكوفيين أن الوتر لا يُصلّى على الراحلة، وهو خلاف السنة الثابتة، واستدل بعضُهم برواية مجاهد: أنه رأى ابن عمر نزل فأوتر. وليس ذلك بمعارِض لكونه أوتر على الراحلة، لكونه لا نزاع أن صلاته على الأرض أفضل. وروى عبد الرزاق من وجه آخر عن ابن عمر أنه كان يُوتر على راحلته، وربما نزل فأوتر بالأرض.
ومباحث الوتر كثيرة، ويأتي إتمامها عند ذكره في باب الحلق والجلوس في المسجد من أبواب المساجد. وتأتي بقية قليلة في محله من أبواب الوتر.
وقوله:"ثم خرج فصلى الصبح" يعني: بأصحابه، قال ابن بطّال ومن تبعه: فيه دليل على ردَّ من كره قراءة القرآن على غير طهارة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- قرأ هذه الآيات بعد قيامه من النوم قبل أن يتوضأ. وتعقّبه ابن المنير تبعًا للاسماعيلي بأن