وقوله:"أتستطيعُ" فيه ملاحظة الطالب للشيخ، وكأنه أراد أن يريه بالفعل ليكون أبلغ في التعليم، وسبب الاستفهام ما قام عنده من احتمال أن يكون الشيخ نسي ذلك لبعد العهد.
وقوله:"فدعا بماءٍ" وفي رواية وَهْب في الباب الذي بعده: "فدعا بتَوْرٍ من ماء".
وقوله:"فأفرغ" أي: صبَّ من الماء، وفي رواية وَهْب:"فاكفأ" بهمزتين، وفي رواية وُهَيب الآتية:"فكَفَأَ" بفتح الكاف، وهي لغتان، يقال: كفأ الإناء وأكفاه إذا أماله. وقال الكِسائي: كفأتُ الإناء كببتُه، وأكفأتُه أملته. والمراد في الموضعين إفراغ الماء من الإناء على اليد كما صرح به في رواية مالك.
وقوله:"فغسل يده مرتين" هكذا في رواية مالك بإفراد يده، وفي رواية وُهَيب وسليمان بن بلال عند المصنف والدَّراوردي عند أبي نُعيم:"فغسل يديه" بالتثنية، فيُحتمل الإفراد عند مالك على إرادة الجنس.
وعند مالك مرتين، وعند هؤلاء ثلاثًا، وكذا عند مسلم من رواية خالد بن عبد الله، وهؤلاء حفاظ، وقد اجتمعوا، فزيادتهم مقدمة على الحافظ الواحد. ولا يقال: يُحتمل على واقعتين؛ لأنّا نقول: المخرج متحد، والأصل عدم التعدُّد. والمراد باليدين هنا الكفَّان لا غير. وفي رواية لمسلم من طريق حبَّان بن وَاسِع، وعن عبد الله بن زيد، أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ، وفيه:"وغسل يده اليمنى ثلاثًا، ثم الأخرى ثلاثًا" فيُحمل على أنه وضوء آخر، لكون مخرج الحديثين غير متحد.
وقوله:"ثم مَضْمَض واستنثر ثلاثًا" وللكُشْميهني: "مضمض واستنشق" والاستنثار يستلزم الاستنشاق بلا عكس، وقد ذكر في رواية وُهَيْب الثلاثة، وزاد بعد قوله:"ثلاثًا، بثلاث غرفات"، واستدل به على استحباب الجمع بين