المضمضة والاستنشاق من كل غَرْفة. وفي رواية خالد بن عبد الله الآتية قريبًا:"مضْمضَ واستنشق من كفٍّ واحدة" فعل ذلك ثلاثًا، وهو صريح في الجمع في كل مرة، بخلاف رواية وُهَيْب، فإنها تطرقَّها احتمال التوزيع بلا تسوية، وفي رواية سليمان بن بلال في باب الوضوء من التَّورْ:"فمضمضَ واستنشق ثلاث مرات من غَرْفةٍ واحدة"، واستدل بها على الجمع بغَرْفة واحدة. وفي رواية خالد المذكورة عند مسلم:"ثم أدخل يده، فاستخرجها، فمضمض"، فاستُدل بها على تقديم المضمضة على الاستنشاق، لكونه عطف بالباء التعقيبية، وفيه بحث. وقد مرَّ الكلام على المضمضة والاستنشاق متفرقًا في مواضع ذكرهما.
وقوله:"ثم غسل وجهه ثلاثًا" لم تختلف الروايات في ذلك.
قال في "الفتح" ويلزم من استدل بهذا الحديث على وجوب تعميم مسح الرأس أن يستدلَّ به على وجوب الترتيب، للإتيان بقوله:"ثم" في الجميع؛ لأن كلاًّ من الحكمين مجملٌ في الآية بينته السنة. ويجاب عن هذا بأن الآية دلَّت على عدم وجوب الترتيب للعطف فيها بالواو، فيُحتمل الترتيب في الحديث على السنة، بخلاف مسح الرأس كله، فهو ظاهر الآية، فبينت السنة وجوبه.
وقوله:"غسل يديه مرتين مرتين" كذا بتكرار مرتين، ولم تختلف الروايات عن عمرو بن يحيى في غسل اليدين مرتين، وقد مرت رواية مسلم عن حِبَّان بن واسِع.
وقوله:"إلى المرفقين" بالتثنية مع فتح الميم وكسر الفاء، وفي رواية الأصيلي بكسر الميم وفتح الفاء، وفي رواية المُسْتَملي والحموي:"إلى المرفق" بالإفراد على إرادة الجنس وهو مفصل الذراع والعَضُد، وسمي بذلك لأنه يُرتفق به في الاتِّكاء.
واختلف العلماء هل يدخُل المرفقان في غسل اليدين أم لا، فقال الجمهور: نعم. وخالف زُفر، وحكاه بعضهم عن مالك، ولم يثبت ذلك عنه صريحًا، وانما حكى عنه أَشْهب كلامًا محتملًا.