رأسه، أخرجه سعيد بن منصور، وفيه خالد بن يزيد بن أبي مالك مُختلف فيه. وصحَّ عن ابن عُمر الاكتفاء بمسح بعض الرأس، قاله ابن المنذر وغيره، ولم يصحَّ عن أحد من الصحابة إنكار ذلك، قاله ابن حزم، وهذا كله مما يتقوى به المرسل المتقدم، قال فى "الفتح".
قلت: انظر كيف يقوى المرسل من القوة حتى يعارض الأحاديث الصحيحة المرفوعة، وكيف يلتئم هذا مع ما يأتي عنه في باب صب الماء على البول في المسجد من أن المرسل عند الشافعي لا يعتضد إلا إذا كان من كبار التابعين، وكان من أرسل إذا سمي لا يُسمى إلا ثقة، فهل وُجدت هذه الشروط هنا.
واحتجّوا أيضًا بأن الباء للتبعيض، وعورض بأن بعض أهل العربية أنكر كونها للتبعيض. قال ابن برهان: من زعم أن الباء تفيد التَّبعيض فقد جاء عن أهل اللغة بما لا يعرفون. وأجيب بأن ابن هشام نقل التبعيض عن الأصمعي والفارسي والقُتَيبي وابن مالك والكوفيين، وجعلوا منه {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}[الإنسان].
قلت: مع هذا الاختلاف لا يتحقق حامل الآية على التبعيض أنه مصيب في حمله للوجه العربي، فبقي الاحتياط في الدين عدم العمل على التبعيض.
وقال بعضهم: الحكم في الآية مجمل في حق المقدار فقط؛ لأن الباء للالصاق باعتبار أصل الوضع، فإذا قرنت بآلة المسح يتعدى الفعل إلى محل المسح، فيتناول جميعه كما تقول: مسحت الحائط بيدي، ومسحت رأس اليتيم بيدي. فيتناول مسح الحائط كله، ورأس اليتيم كله. وإذا قُرنت بمحل المسح يتعدّى الفعل بها إلى الآلة، فلا تقتضي الاستيعاب، وإنما تقتضي التصاق الآلة بالمحل، وذلك لا يستوعب الكل عادة، فمعنى التبعيض إنما ثبت بهذا الطريق.
لكن يلزمهم على هذا أن يكون الواجب مسح قدر اليد من الرأس، وهم لا يقولون بذلك، بل يحصل المسح عندهم بشعرات. وأما استدلال الحنفية