الرأس، فلم يرد في الاقتصار على بعضه إلا ما مر مما لا يُعارض الصحيح.
قال في "الفتح" وهذا يختصُّ بمن له شعر.
قال القسطلاّني: وإلا فلا حاجة إلى الردِّ، فلو رد لم تُحسب ثانية؛ لأن الماء صار مستعملًا. وهذا التعليل يقتضي أنه لو رد ماء المرة الثانية حُسبت ثالثة، بناء على الأصح، من أن المُستعمل في النَّفل طهور، إلا أن يُقال: السنة كون كل مرة بماء جديد.
قلت: ما قاله غير وارد على المالكية. فإن مذهبهم أن الرد سنة لا واجب، كان على الرأس شعرٌ أو لم يكن، ومذهبهم أن الماء ما دام على العضو لا يصير مستعملًا.
وفيه حجة على من قال: السنة أن يبدأ بمؤخر الرأس إلى أن ينتهي إلى مقدمه، لظاهر قوله:"أقبل وأدبر" ويرد عليه أن الواو ولا تقتضي الترتيب، ويأتي قريبًا عند المصنف من رواية سُليمان بن بلال:"فأدبر بيديه، وأقبل" فلم يكن في ظاهره حجة؛ لأن الإقبال والإدبار من الأمور الإضافية، ولم يعين ما أقبل إليه ولا ما أدبر عنه، ومخرج الطريقين متَّحد، فهما بمعنى واحد، وعَيَّنَت رواية مالك البداءة بمقدم الرأس، فيحمل قوله:"أقبل" على أنه من تسمية الفعل بابتدائه، أي: بدأ بقُبُل الرأس، وقيل في توجيهه غير ذلك.
وقوله:"ثم غسل رجليه" زاد في رواية وُهيب الآتية: "إلى الكعبين"، والبحث فيه كالبحث في قوله:"إلى المرفقين".
والمشهور أن الكعب هو العظم الناشز عند ملتقى الساق والقدم، وحكى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة: إنه العظم الذي في ظهر القدم عند معقد الشراك. وروى ابن القاسم عن مالك مثله. والأول هو الصحيح الذي يعرفه أهل اللغة.
وقد أكثر المتقدمون من الرد على من زعم ذلك، ومن أوضح الأدلة حديث