للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمة، إذ لا تكون أسوأ حالًا من النصرانية.

وفيه دليل على جواز استعمال مياه أهل الكتاب من غير استفصال. وقال الشافعي في "الأم": لا بأس بالوضوء من ماء المشرك، وبفضل وضوئه ما لم تعلم فيه نجاسة. وقال ابن المُنْذِر: انفرد إبراهيم النَّخَعي بكراهة فضل المرأة إذا كانت جُنبًا، ويأتي هذا قريبًا عند الحديث الآتي.

واعترض القسطلاني على المصنف بإتيانه بهذين الأثرين، قائلًا: إنه لا مناسبة فيهما للترجمة. قال: أما توضُّؤ عمر بالحميم فلا يخفى عدم مناسبته، وأما توضّؤه من بيت نصرانية فلا يدُلُّ على أنه كان من فضل ما استعملته، بل الذي يدلُّ عليه جواز استعمال مياههم.

ولا خلاف في استعمال سؤر النصّرانية لأنه طاهر، خلافًا لأحمد وإسحاق رضي الله تعالى عنهما وأهل الظاهر، واختلف قول مالك رحمه الله تعالى، ففي "المدونة": لا يتوضأ بسؤر النّصراني ولا بما أدخل يده فيه. وفي "العتبية" أجازه مرة، وكرهه أخرى. ومشهور مذهبه الكراهة إلا إذا عُلمت النجاسة على فيه.

وفي رواية ابن عساكر حذف الأثرين، وهو أولى لعدم المطابقة بينهما وبين الترجمة.

ولعل ما مرَّ من المناسبة عن الفتح لم يظهر للقسطّلاني.

ووقع في رواية كريمة بحذف الواو من قوله: "ومن بيت" وهذا الذي جرّأ الكِرماني أن يقول: المقصود ذكر استعمال سؤر المرأة. وأما الحميم فذكره لبيان الواقع.

وقد عرفت أنهما أثران متغايران.

الأول: وهو: "توضأ عُمر بالحميم" وصله سعيد بن منصور وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد صحيح، ورواه ابن أبي شيبة والدارقطني، وقال الدّارقُطني: إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>