أين أكونُ غدًا، كررها، فعرفت أزواجه أنه إنما يريد عائشة، فقلن: يا رسول الله، قد وَهَبْنا أيامنا لأُختنا عائشة"، وعند الإسماعيلي عن عائشة: "كان يقول: أين أنا حِرْصًا على بيتِ عائشة، فلمّا كان يومي سَكَن، وأذن له أزواجه أن يمرَّض في بيتي".
وقوله: "في بيتي" أي: بيت عائشة، ونسبته لها بالنظر إلى سكناها به.
وقوله: "فأذِنَّ له" بفتح الهمزة وكسر الذال وتشديد النون، أي الأزواج، ورُوي بضمِّ الهمزة وكسر الذال على البناء للمجهول. واستُدِلَّ به على أن القَسْم كان واجبًا عليه، ويُحتمل أن يكون فعل ذلك تطييبًا لهن.
وقوله: "فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- بين رَجُلَيْن تخطُّ رِجلاه في الأرض" أي: لم يكن يقدر على تمكينهما من الأرض، وفي رواية تأتي: "يُهادي بينَ رجلين" بضم الياء وفتح الهاء، أي: يعتمد على الرجلين متمايلًا في مشيه من شدة الضَّعْف، والتّهادي التمايل في المشي البطيء. وقوله: "قال عبيد الله" هو الراوي له عن عائشة، وهو بالإسناد المذكور من غير أداة عطف.
وقوله: "قال: هو علي" زاد الإسماعيلي عن مَعْمر: "ولكن عائشة لا تطيبُ له نفسًا بِخَيْر"، ولابن إسحاق في "المغازي" عن الزُّهري: "ولكنها لا تقدِرُ أن تذكره بخير".
وفي هذا ردٌّ على من تنطَّع فقال: لا يجوز أن يُظَنَّ ذلك بعائشة، وإنما لم تسمِّه لما كان عندها منه مما يحصُل للبشر، مما يكون سببًا في الإعراض عن ذكر اسمه.
وفيه ردٌّ أيضًا على من زعم أنها أبهمت الثاني لكونه لم يتعيّن في جميع المسافة، إذ كان تارة يتوكأ على الفضل كما في رواية لمسلم: "خرج بين الفضل بن عباس ورجل آخر"، وفي رواية له: "بين رجُلَين أحدهما أسامة"، وعند الدارقطني: "أسامة والفَضْل"، وعند ابن حِبّان: "بين بُرَيْرة ونُوْبة" بضم النون وسكون الواو ثم موحدة، وهو اسم عبدٍ لا أمة كما جزم به سَيْف في "الفتوح"،