للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا نبي الله؟ فقال له: "أسهرني أنينُ العبّاس"، فقام رجل من القوم فأرخى من وَثاقه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما لي لا أسمع أنين العباس؟ " فقال الرجل: أنا أرخيتُ من وَثاقه. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "افعل ذلك بالأسرى كلِّهم".

أسلم العباس قبل فتح خيبر، وكان يكتم إسلامه، وذلك في حديث الحجاج بن علابط أنه كان مسلمًا يَسُرُّه ما يفتح الله عَزَّ وَجَلَّ على المسلمين، ثم أظهر إسلامه يوم فتح مكة، وشهد حُنَيْنًا والطائف وتبوك. وقيل: إن إسلامه قبل بدر، وكان رضي الله تعالى عنه يكتُب بأخبار المشركين إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان المسلمون يتقوون به بمكة، وكان يحب أن يَقْوُم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكتب إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن مقامَك بمكة خيرٌ" فلذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر: "من لقي منكُم العبّاس فلا يقتُلْه، فإنما أُخرج كارهًا"، ثم هاجر قبل الفتح بقليل، وشهد الفتح، وثبت يوم حُنين لما انهزم المسلمون غيره وغير عمرو علي وأبي سفيان بن الحارث رضي الله عنهم، وقيل: غير سبعة من أهل بيته، وذلك مذكور في شعر العباس الذي يقول فيه:

ألا هَلْ أتى عُرسي مكَرّي ومَقْدَمي ... بوادي حُنينٍ والأسِنَّةُ تشرعُ

وقولي إذا ما النَّفْسُ جاشَتْ لها فِرّي ... وهامٌ تدهدهها السيوفُ وأدرعُ

وكيفَ رددتُ الخيلَ وهيَ مغيرةٌ ... بزَوراء تعطي في اليدين وتمنعُ

وهو شعر مذكور في "السير" لابن إسحاق، وفيه:

نَصَرْنا رسولَ الله في الحربِ سبعةً ... وقد فرَّ من قد فَرَّ عنه وأَقْشعوا

وثامنُنا لاقى الحِمامَ بسيفِهِ ... بما مسَّهُ في الله لا يتوجَّعُ

وقال ابن إسحاق: السبعة علي، والعباس، والفضل بن عباس، وأبو سفيان ابن الحارث، وابنه جَعْفر، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، والثامن أيمن بن عُبيد. وجعل غير ابن إسحاق في موضع أبي سُفيان عمر بن الخطاب، والصحيح أن أبا سفيان بن الحارث كان يومئذٍ معه لم يُخْتَلف فيه، واخْتلف في عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>