وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكرم العباس بعد إسلامه ويعظِّمه ويُجِلُّه ويقول:"هذا عمي وصِنْو أبي"، وكان العباس جوادًا مطعِمًا وَصولًا للرحم ذا رأي حسن ودعوة مرجوة.
وروي عن سعد بن أبي وقّاص أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هذا العباس بن عبد المطلب، أجودُ قريش كفًّا وأوصلُهم للرحم".
وروى ابن أبي الزِّنا وعن أبيه أن العباس بن عبد المطلب لم يمرَّ بعُمر ولا بعثمان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز العباس إجلالًا له، ويقولان: عم النبي -صلى الله عليه وسلم-
وقال ابن شِهاب: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعرفون للعباس فضله، ويقدمونه ويشاورونه، ويأخذون برأيه، واستسقى به عمر، وكان سبب ذلك أن الأرض أجدبت إجدابًا شديدًا على عهد عمر زمن الرَّمادة، وذلك سنة سبع عشرة، فقال كعب: يا أمير المؤمنين: إن بني إسرائيل كان إذا أصابهم مثل هذا استسْقَوا بعُصبة الأنبياء. فقال عمر: هذا عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصِنْو أبيه، وسيد بني هاشم، فمشى إليه عُمر، وشكى إليه ما فيه الناس من القحط، ثم صعد المنبر ومعه العباس، فقال: اللهم إنّا قد توجَّهنا إليك بعمِّ نبينِّا وصِنْوِ أبيه فاسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. ثم قال عمر: يا أبا الفضل قُم فادعُ. فقال العباس رضي الله تعالى عنه بعد حمد الله تعالى والثناء عليه: اللهم إنَّ عندك سحابًا، وعندك ماءً، فانشُر السحاب ثم أنزل الماء علينا منه، فاشدُد به الأصل، وأطِل به الفَرْع، وأدِرَّ به الضَّرْع، اللهم إنك لم تنزل بلاء إلا بذنب، ولم تكشفه إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك، فاسقنا الغيث، اللهم شفِّعنا في أنفسنا وأهلينا، اللهم شفِّعنا فيما لا ينطِقُ من بهائمنا وأنعامنا، اللهم اسِقنا سقيًا وادعًا نافعًا طِبْقًا سحًّا عامًّا، اللهم إنا لا نرجو إلا إياك، ولا ندعوا غيرك، ولا نرغب إلا إليك، اللهم إليك نشكوا جوعَ كل جائع، وعُرْي كل عارٍ وخوف كل خائفٍ، وضَعْف كل ضعيف ... في دعاء كثير.