للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليٌّ في بيعته، وجلس في بيته، فبعث إليه أبو بكر: ما أبطَأَ بك عني؟ أكرهت إمارتي؟ فقال علي: ما كرهتُ إمارتك، ولكني آليتُ أن لا أرتدي رداءً إلاَّ إلى صلاة حتى أجمع القرآن. قال ابن سِيرين: فبلغني أنه كتبه على تنزيله، ولو أصيب ذلك الكتاب لوُجِدَ فيه علم كثير.

وعن عِكرمة قال: لما بُويع لأبي بكر تخلَّف علي عن بيعته، وجلس في بيته، فلقيه عمر، فقال: تخلفت عن بيعة أبي بكر؟! فقال: إني آليت بيمين حين قُبضَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لا أرتدي برداءِ إلاَّ إلى الصلاة المكتوبة حتى أجمعَ القرآن، فإني خشيت أن ينفَلِتَ، ثم خرج فبايعه.

ورَوى زيد بن أسلم عن أبيه أن عليًّا رضي الله عنه والزُّبير كانا حين بويع لأبي بكر يدخلان على فاطمة ويشاورانها في أمرهما، فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها وقال: يا بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ما كان من الخلق أحدٌ أحبَّ إلينا من أبيك، وما أحد أحب إلينا بعده منك، وقد بلغني أن هؤلاء النفر يدخلون عليك، ولئن بلغني لأفعلنَّ ولأفعلنَّ، ثم خرج، وجاؤوها، فقالت لهم: إن عُمر قد جاءني، وحلف لئن عُدتم ليفعلَنَّ، وأيم الله لَيَفِيَنَّ بها، فانظُروا في أمركم، ولا ترجِعُوا إلى، فانصرفوا ولم يرجعوا حتى بايعوا لأبي بكر.

وروي أن خالد بن سعيد لما قدم من اليمن بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، تربَّص ببيعته شهرين، ولقي علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم، وقال: يا بني عبد مناف، لقد طِبْتم نفسًا عن أمركم يليه غيركم، فأما أبو بكر فلم يَحْفِل لها، وأما عمر فاضطَغَنَها عليه، فلما بعث أبو بكر خالد بن سعيد أميراً على ربع من أرباع الشام، وكان أول من استُعمل عليها، جعل عمر يقول: أبو مرة، وقد قال ما قال؟! فلم يزل بأبي بكر حتى عزله وولّى يزيد بن أبي سُفيان. وقال ابن أبي يزيد الجُمَحي القُرَشي:

شكرًا لِمَنْ هُو بالثناءِ خليقُ ... ذهبَ اللَّجاجُ وبُويع الصديقُ

من بعدِ ما رحضت بسعدٍ نعلُه ... ورَجا رجاءً دونَه العيّوقُ

جاءتْ به الأنصارُ عاصبَ رأسهِ ... فأتاهُمُ الصّديقُ والفاروقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>