وقوله:"فإن أحدكم إذا صلّى وهو ناعسٌ لا يدري لعله يستغفِرُ فيسبُّ نفسه" أي: يدعو على نفسه. وصرح به النسائي في روايته، ويحتمل أن يكون علة النهي خشية أن يوافق ساعة الإجابة، والفاء عاطفة على "يستغفر"، وفي بعض النسخِ:"يسُبُّ" بدونها جملة حالية، و"يسبَّ" بالنصب جوابًا لـ"لعلَّ"، والرفع عطفاً على:"يستغفر"، والترجي في "لعل" عائد إلى المصلّي، لا إلى المتكلم به، أي: لا يدري أمستغفر أم سابٌّ مترجيًا للاستغفار، وهو بضد ذلك في الواقع.
وغاير بين لفظي النعاس، فقال في الأول:"نعِسَ" بالماضي، وفي الثاني:"ناعس" باسم الفاعل، تنبيهًا على أنه لا يكفي تجدُّد أدنى نعاس وتقضيه في الحال، بل لابد من ثبوته، بحيث يفضي إلى عدم درايته بما يقول، وعدم علمه بما يقرأ.
فإن قلت: هل بين قوله: "نعس وهو يصلّي"، و"وصلّى وهو ناعس" فرق؟ أجيب بأن الحال قيد وفضلة، والقصد في الكلام ما له القيد، ففي الأول لا شك أن النعاس هو علة الأمر بالرُّقاد لا الصلاة فهو المقصود الأصليّ في التركيب، وفي الثاني الصلاة علة الاستغفار، إذ تقدير الكلام: فإن أحدكِم إذا صلَّى وهو ناعس يستغفر، والفرق بين التركيبين هو الفرق بين: ضرب قائماً. وقام ضاربًا، فإن الأول يحتمل قيامًا بلا ضرب، والثاني ضربًا بلا قيام.
وقال المهلب: في قوله: "فإن أحدكم" إلخ. إشارة إلى العلة الموجبة لقطع الصلاة، فمن صار في مثل هذه الحال فقد انتقض وضوؤه بالإجماع. كذا قال، وفيه نظر، فإن الإشارة إنما هي إلى جواز قطع الصلاة أو الانصراف إذا سلّم منها كما مرَّ، وأما النقض فلا يتبين من الحديث؛ لأن جريان ما ذكر على اللسان ممكن من الناعس، وهو القائل: إن قليل النوم لا ينقض، فكيف بالنعاس؟ وما ادعاه من الإجماع منتقضٌ بما مرَّ عن أبي موسى وغيره.
وفي الحديث الأخذ بالاحتياط؛ لأنه علل بأمر محتمل الوقوع، والحث