العذاب إلى البول، بمعنى أن ابتداء سبب العذاب من البول، فلو حُمل على مجرد كشف العورة زال هنا المعنى.
ويؤيده أيضًا أن في حديث أبي بَكْرة عند أحمد وابن ماجه:"أما أحدهما فيُعذَّب في البول"، ومثله للطبراني عن أنس، فيتعيَّن العمل على المجاز، لتجتمع ألفاظ الحديث على معنى واحد؛ لأن مخرجه واحد، فيكون المراد بالاستتار التنزُّه عن البول والبعد منه والتوقي له، إما بعدم ملابسته البول، وإما بالاحتراز عن مفسدة تتعلق به كانتقاض الطهارة، وعبَّر بالاستتار عن التوقّي مجازًا، ووجه العلاقة بينهما أن المستَتِر عن الشيء فيه بعد عنه واحتجاب، وذلك شبيه بالبعد عن ملابسة البول. وأما رواية الاستبراء فهي أبلغ في التوقّي، أي: يستفرغ جهده بعد فراغه منه.
وهو يدل على وجوب الاستنجاء؛ لأنه لما عُذِّب على استخفافه بغسله وعدم التحرُّز منه، دل على أن من ترك البول في مخرجه ولم يستنجِ منه حقيقٌ بالعذاب.
وقوله:"من بوله" في رواية الأعمش الآتية: "من البول"، وقال البخاري فيما يأتي عنه قريبًا: ولم يذكر سوى بول الناس. قال ابن بطّال: أراد البخاري أن المراد بقوله في رواية الباب: "كان لا يستتر من البول" بول الناس لا بول سائر الحيوان، فلا يكون فيه حجة لمن حمله على العموم في بول جميع الحيوان، وكأنه أراد الرد على الخطابي حيث قال: فيه دليل على نجاسة الأبوال كلها.
ومحصل الرد أن العموم في رواية:"من البول" أريد به الخصوص، لقوله:"من بوله"، أو الألف واللام بدل من الضميرم، لكن يلتحق ببوله بول من هو في معناه من الناس، لعدم الفارق. قال: وكذا غير المأكول، وأما المأكول فلا حجة في هذا الحديث لمن قال بنجاسة بوله، ولمن قال بطهارته حجج أخرى تأتي إن شاء الله تعالى.
وقال القرطبي: قوله: "من البول" اسم مفرد لا يقتضي العموم، ولو سُلِّم