وقد جَلَبْنا نصوص المذهبين، واستوفينا الكلام على ذلك في كتابنا "مشتهى الخارِف الجاني".
وأما الدُّعاء فالإجماع على أنه ينفعهم ويصلهم ثوابه، لقوله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}[الحشر: ١٠]، وغير ذلك من الآيات والأحاديث المشهورة، منها قوله عليه الصلاة والسلام:"اللهم اغفِر لأهل بقيع الغَرْقد"، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام:"اللهمَّ اغفِر لحيِّنا وميِّتنا"، وغير ذلك.
فإن قلت: هل يبلُغ ثواب الصوم أو الصدقة أو العتق، فالجواب: روى أبو بكر النجّار في كتاب "السنن" من حديث عَمْرو بن شُعيب عن أبيه عن جده أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله: إن العاص بن وائل كان نذر في الجاهلية أن ينحر مئة بدنة، وإن هشام بن العاص نحر حصته خمسين، أفيجزىء عنه؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن أباك لو كان أقرَّ بالتوحيد، فصُمتَ عنه، أو تصدقتَ عنه، أو أعتقتَ عنه، بلغه ذلك".
وروى الدارقطني، قال رجل: يا رسول الله: كيف أَبَرُّ أبويَّ بعد موتهما؟ فقال:"إن من البر بعد الموت أن تصلي لهما مع صلاتك، وأن تصوم لهما مع صيامك، وأن تصدَّق عنهما مع صدقتك".
وفي كتاب القاضي الإِمام أبي الحسين بن الفرّاء، عن أنس أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، إنا نتصدق عن موتانا، ونحجُّ عنهم، وندعوا لهم، فهل يصل ذلك إليهم؟ قال:"نعم، ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطَّبَق إذا أُهدي إليه".
وعن سعد أنه قال: يا رسول الله: إن أبي مات، أفأُعتِق عنه؟ قال:"نعم".
وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، أن الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما كان يُعتقان عن علي رضي الله تعالى عنه.
وفي "الصحيح" قال رجل: يا رسول الله: إن أمي توفيت، أينفعُها أن