وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزم من غير تعنيف إذا لم يكن ذلك منه عنادًا، ولاسيّما إن كان ممّن يُحتاج إلى استئلافه.
وفيه رأفة النبي -صلى الله عليه وسلم- وحسن خلقه.
وفيه تعظيم المسجد وتنزيهه عن الأقذار.
وظاهر الحصر من سياق مسلم في حديث أنس أنه لا يجوز في المسجد شيء غير ما ذُكر من الصلاة والقرآن والذكر، لكن الإجماع على أن مفهوم الحصر منه غير معمول به، ولا ريب أن فعل غير المذكورات وما في معناها خلاف الأولى.
وفيه أن الاحتراز من النجاسة كان مقررًا في نفوس الصحابة، ولهذا بادروا إلى الإنكار بحضرته -صلى الله عليه وسلم- قبل استئذانه، ولما تقرر عندهم أيضًا من طلب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
واستُدِل به على جواز التمسك بالعموم إلى أن يظهر الخصوص. قال ابن دقيق العيد: والذي يظهر أن التّمسك يتحتم عند احتمال التخصيص عند المجتهد، ولا يجب التوقف عن العمل بالعموم لذلك؛ لأن علماء الأمصار ما بَرَحوا يُفتون بما بلغهم من غير توقُّف على البحث عن التخصيص، ولهذه القصة أيضًا، إذ لم يُنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على الصحابة، ولم يقل لهم: لم نهيتُم الأعرابي؟ بل أمرهم بالكف عنه للمصلحة الراجحة، وهي دفع أعظم المفسدتين باحتمال أيسرهما، وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما فإن البول فيه مفسدة، وقطعه على البائل فيه مفسدة أعظم منها، فدفع أعظمهما بأيسر المفسدتين، وتنزيه المسجد عنه مصلحة، وترك البائل إلى الفراغ مصلحة أعظم منها، فحصل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما.
وفيه المبادرة إلى إزالة المفاسد عند زوال المانع، لأمرهم عند فراغه بصب الماء عليه.