تتكلم بكلام لا ينبغي. فقال: لا أفعل. فأدخله على عمر، فقال: يا ابن الخطّاب، والله ما تقسِم بالعدل، ولا تعطي الجَزْل. فغضب عمر غضبًا شديدًا، حتى همَّ أن يقعَ به. فقال له ابن أخيه: يا أمير المؤمنين: إن الله عَزَّ وَجَلَّ يقول في محكم كتابه: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: ١٩٩]، وإن هذا من الجاهلين، فخلّى عنه عمر، وكان وقّافًا عند كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ.
وتزوج عثمان بن عفان ابنته، فدخل عليها يومًا، فأغلظ، فقال عثمان: لو كان عمر ما قدمت عليه بهذا. فقال: إن عمر أعطانا فأغنانا، وأخشانا فأتقانا.
وروي عن أبي وائل قال: سمعت عُيينة بن حصن يقول لعبد الله: أنا ابنُ الأشياخ الشُمّ. فقال عبد الله: ذلك يوسُف بن يعقوب بن إبراهيم. فسكت.
وروى عُبيدة بن عمر وقال: جاء الأقرع بن حابس وعُيينة بن حصن إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقال: يا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن عندنا أرضًا سبخة ليس فيها كَلأ ولا منفعة، فإن رأيت أن تُقطعَناها. فأجابهما، وكتب لهما، وأشهد القوم، وعُمر ليس فيهم، فانطلقا إلى عُمر ليُشهداه فيه، فتناول الكتاب، وتَفَلَ فيه ومحاه، فتذمّرا له، وقالا له مقالة سيئة، فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتألَّفُكُما والإسلام يومئذٍ قليل، وإن الله قد أعزَّ الإِسلام، اذهَبا فاجهدا على جهدِكما، لا رَعَى الله عليكما إن رَعَيْتُما، فأقبلا إلى أبي بكرٍ وهما يتذمّران، فقالا: ما ندري والله أنت الخليفة أم عمر؟ فقال: لا بل هُو لو شاء. فجاء عمر وهو مُغْضَب حتى وقف على أبي بكرٍ، فقال: أخبرني عن هذا الذي اقطَعْتَهُما، أرضٌ هي لك خاصة أو للمسملين عامة؟ قال: بل للمسلمين عامّة. قال: فما حملك على أن تَخُصَّ بهما هذين؟ قال: استشرف الذين حولي فأشاروا عليَّ بذلك، وقد قلت لك: إنك أقوى على هذا مني، فغلبتني.
وكان عُيينة يُعدُّ في الجاهلية من الجّرارين، يقود عشرة آلاف.
وروى أبو حاتم السِّجِسْتاني أن حصن بن حذيفة أوصى ولده عند موته، وكانوا عشرة -قال: وكان سبب موته أن كرز بن عامر العُقَيْلي طعنه، فاشتد مرضه- فقال لهم: الموت أروحُ مما أنا فيه، فأيُّكم يطيعوني؟ قالوا: كلُّنا. فبدأ