للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل البيت النبوة والخلافة، فلا أعرِفَنَّ ما استخفَّك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك. إني وإن كنت طلبت إلى عائشة إذا متُّ أن تأذن لي فأُدفن في بيتها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: نعم. وإني لا أدري لعلَّها كان ذلك منها حياء، فإذا أنا متُّ فاطلب ذلك إليها، فإن طابت نفسها فادفِنّي في بيتها، وما أظن القوم إلا يمنعونك إذا أردت ذلك، فإذا فعلوا فلا تُراجعهم في ذلك، وادفِنّي في بقيع الغرقد، فإن لي فيمن فيه أسوة. فلما مات الحسن، أتى الحسين عائشة، فطلب ذلك منها، فقالت: نعم وكرامة. فبلغ ذلك مروان، فقال مروان: كذب وكذَبَتْ، والله لا يُدفن هناك أبدًا، منعوا عثمان من دفنه في المقبرة ويريدون أن يدفنوا حسنًا في بيت عائشة، فبلغ ذلك الحسين، فدخل هو ومَنْ معه في السلاح، وبلغ ذلك مروان، فاستلأم الحديد أيضًا، فبلغ ذلك أبا هُريرة، فقال: والله ما هو إلا ظلم، يُمنع حسنٌ أن يُدفن مع أبيه، والله إنه لابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم انطلق إلى الحُسين فكلمه وناشده الله، وقال له: أليس قد قال أخوك: إن خفت أن يكون قتال فرُدَّني إلى مقبرة المسلمين؟ فلم يزل به حتى فعل، وحمله إلى البقيع، فلم يشهده يومئذ من بني أمية إلا سعيد بن العاص، وكان يومئذ أميرًا على المدينة، قدمه الحسين للصلاة، وقال: لولا أنها السُنّة ما قدمتُك، وإلا خالد بن الوليد بن عُقبة ناشد بني أمية أن يُخلوه يشاهد الجنازة، فتركوه، فشهد دفنه في المقبرة، ودفن إلى جنب أُمه فاطمة رضي الله عنها وعن بنيها أجمعين.

وقال مساوِر مولى بني سعد بن بكر: رأيت أبا هُريرة قائمًا على المسجد يوم مات الحسن يبكي وينادي بأعلى صوته: يا أيُّها الناس: مات اليوم حِبُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فابكوا.

وروي عن ابن عُيينة أنه قال: قُتل علي وهو ابن ثمان وخمسين، ومات لها الحسن، وقُتل لها الحسين، وقيل: مات الحسن وهو ابن سبع وأربعين سنة.

الثاني: الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطَّلب بن هاشم الهاشمي أبو عبد الله سِبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورَيْحانته.

<<  <  ج: ص:  >  >>