للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هداك الله له، وأما ما ساءني فإن أمرنا لم يستحكم بعد، فأدخله على مسلم، فأخذ منه المال وبايعه، ورجع إلى عبيد الله فأخبره.

وتحول مسلم حين قدم عبيد الله من الدار التي كان فيها إلى دار هانىء بن عروة المُرادي، وكتب مسلم بن عَقيل إلى الحسين يخبره ببيعة اثني عشر ألفًا من الكوفة، ويأمره بالقدوم، قال: وقال عبيد الله لوجوه أهل الكوفة: ما بال هانىء بن عروة لم يأتني فيمن أتى؟ قال: فخرج إليه الأشعث في أناس منهم، فأتوه وهو على باب داره، فقالوا له: إن الأمير قد ذكرك واستبطأك فانطلِق إليه، فلم يزالوا به حتى ركب معهم، فدخل على عبيد الله بن زياد وعنده شريح القاضي، فلما نظر إليه، قال لشريح: أتتك بخائنٍ رجلاه. فلما سلم عليه قال له: يا هانىء: أين مسلم؟ قال: ما أدري. قال: فأمر عبيد الله صاحب الدراهم يخرج إليه، فلما رآه قَطَع به وقال: أصلح الله الأمير، والله لو كان تحت قدميَّ ما رفعته عنه. قال: أدنوه إليَّ. قال: فأُدني، فضربه بقضيب، فشجَّ حاجبه، وأهوى إلى سيف شرطي ليستله فدُفع عن ذلك، وقال له: قد أحل الله دمك، وأمر به فجلس في جانب القصر، فبلغ الخبر إلى مِذْحج، فإذا على باب القصر جلبة، فسمعها عبيد الله، فقال: ما هذا؟ قالوا: مِذْحِج. فقال لشريح: اخرج إليهم، فأعلمهم أني إنما حبسته لأسائله، وبعث عينًا عليه من مواليه يسمع ما يقول، ومرّ بهانىء، وقال له هانىء: يا شريح: اتَّق الله، فإنه قاتلني. فخرج شريح حتى وقف على باب القصر، فقال: لا بأس عليه، إنما حبسه الأمير ليسائله. فقالوا: صدق، ليس على صاحبكم بأس. قال: فتفرقوا.

وأتى مسلمًا الخبرُ، فنادى بشعاره، فاجتمع عليه أربعون ألفًا من أهل الكوفة، فقدَّمَ مقدِّمة، وهيأ مَيْمنة ومَيْسرة، وسار في القلب إلى عُبيد الله، وبعث عبيد الله إلى وجوه أهل الكوفة، فجمعهم عنده في القصر، وسار إليه مسلم، وانتهى إلى باب القصر، فأشرفوا من فوقه على عشائرهم، فجعلوا يكلِّمونهم ويردّونهم، فجعل أصحاب مسلم يتسلّلون حتى أمسى في خمس مئة، فلما اختلط الظلام ذهب أولئك أيضًا، فلما رأى مسلم أنه قد بقي وحده تردد في

<<  <  ج: ص:  >  >>